إضاءة على –

مخيم الجليل (ويفل)

إضاءة على –
مخيم الجليل (ويفل)

مخيم الجليل

حزيران 2019
Author(s): 
Nour al-Huda al-Haj

على مدخل مدينة الشمس، بعلبك، وعلى مقربة من قلعتها التاريخية يقع مخيم الجليل أحد أصغر مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان والذي لا تتعدى مساحته 0.4 كم2. والمخيم هو المخيم الوحيد الرسمي في محافظة البقاع التي تستضيف أيضاً تجمعات فلسطينية أخرى مثل بر الياس وتعلبايا، لكن نسبة اللاجئين الفلسطينيين في المحافظة تبقى الأقل مقارنة بالمحافظات الأُخرى في لبنان. تفصل المخيم عن العاصمة بيروت مسافة 90 كم، وعن الحدود مع فلسطين نحو 127 كم.

إنشاء المخيم

في سنة 1949 قررت السلطات اللبنانية إقامة مخيم للاجئين الفلسطينيين في منطقة البقاع، وتم اختيار ثكنة عسكرية قديمة مهجورة كانت تُستخدم خلال الانتداب الفرنسي، ويضم البناء سكن الضباط والجنود واسطبلات الخيل. وعليه نقلت مجموعات من الفلسطينيين من منطقتي بنت جبيل الحدودية وعنجر البقاعية إلى ثكنة "ويفل"، فحمل المخيم رسمياً اسم ويفل على اسم القائد في الجيش البريطاني أرشيبالد ويفل (Archibald Wavell) قبل أن يتحول لاحقاً إلى "الجليل" في أوائل السبعينيات عندما قرر السكان أن يطلقوا على مخيمهم اسم منطقة "الجليل" في فلسطين التي ينحدرون منها.

ويروي السكان رحلة لجوئهم القاسية التي بدأت مع وصولهم إلى منطقة بنت جبيل الحدودية حيث قضوا بضعة أيام تحت الأشجار، قبل أن يتم إبعادهم عن المناطق الحدودية مع فلسطين (وفق السياسة التي اتبعتها السلطات اللبنانية حينذاك إزاء تدفق اللاجئين الفلسطينيين) ونقلهم إلى مدينة عنجر البقاعية. غير أن إشكالات وقعت مع سكان عنجر الأرمن، الأمر الذي أدى ترحيل اللاجئين عن المدينة، ونقلهم في محطة أخيرة إلى ثكنة ويفل المهجورة.

في المرحلة الأولى تكدست العائلات في غرف الثكنة واسطبلاتها التي طلق السكان عليها اسم "البراكسات". وفي البداية كان ممنوعاً على اللاجئين البناء في المساحات الفارغة داخل الثكنة، وهو ما أدى إلى تجمّع العائلات ضمن مساحة محددة. واستخدم السكان وسائل بدائية للفصل بين العائلات، منها البطانيات وأكياس الخيش، ويروي السكان كيف كانوا يتبادلون الأحاديث مساء عبر البطانية التي لم تكن تحجب الأصوات. لكن الأمور تبدلت لاحقاً لسببين، الأول: تولي الفصائل الفلسطينية المسؤولية عن المخيمات في أوائل سبعينيات القرن الماضي، والثاني: اندلاع الحرب الأهلية في لبنان سنة 1975. وعليه بدأت عمليات البناء والتوسع العشوائي في المساحات الفارغة، ثم أصبح البناء عمودياً، قبل أن تمنع من جديد الأنظمة اللبنانية البناء داخل المخيمات.

حالياً، يبدو المشهد في المخيم: أحياء صغيرة؛ "زواريب" بعضها واسع نسبياً، وبعضها الآخر ضيق جداً. من يسكنون الثكنة، يتشاطرون السقف والشرفة، لكن الغرف الداخلية الصغيرة لا تصلها الشمس، وتفتقر إلى التهوئة، فتصبح مظلمة خانقة عند انقطاع الكهرباء. وعلى الرغم من ذلك، يبقى هناك مساحات صغيرة في المخيم تؤمّن للأطفال مكاناً للهو والتسلية.

الواقع الديموغرافي

يرسم الجليل، كغيره من المخيمات، خريطة الجغرافيا القروية لسكانه الذين أتوا من منطقة الجليل في فلسطين، وأبرز هذه القرى: لوبية، وصفورية، والمجيدل، وفراضة، وحطين، وسعسع، وسحماتا، وشفاعمرو، وغيرها ....

وكان من الطبيعي في المرحلة الأولى أن يختار أبناء كل قرية السكن في تجمّع صار لاحقاً يحمل اسم القرية، فظهرت أحياء مثل: حي اللوابنة وحي الصفافرة وحي المجادلة. لكن مع مرور الوقت، نتيجة الزيادة السكانية والمصاهرة، أصبحت الأحياء مختلطة ولم يعد سكانها حكراً على قرية دون الأُخرى، وإن احتفظت بأسمائها.

أمّا بالنسبة إلى عدد السكان، كان المخيم يضم نحو 2800 نسمة في أوائل الخمسينيات ووصل العدد إلى نحو 5000 نسمة في نصف الثمانينيات. أمّا في بداية العشرينيات من هذا القرن، فيبلغ عدد اللاجئين المسجلين رسمياً في سجلات الأونروا نحو 8000 لاجئ، فيما تشير مصادر اللجنة الشعبية إلى 3500 لاجئ يسكنون المخيم (نحو 560 عائلة) و3200 (نحو 540 عائلة) يقيمون خارجه في أحياء مجاورة أو في مدينة بعلبك وضواحيها بسبب الاكتظاظ في مساحة المخيم الصغيرة.

كما استقبل المخيم منذ بداية الأزمة السورية عدداً لا بأس به من النازحين، وخصوصاً من أبناء مخيم اليرموك، وهو الأمر الذي زاد في العبء على صعيدي السكن والخدمات. وحالياً (2022) هناك 1000 نسمة (نحو 200) عائلة فلسطينية من نازحي سورية في المخيم في مقابل 1500 (نحو 300 عائلة) خارج المخيم، فيما لا يتجاوز عدد السوريين في المخيم 20 شخصاً. وكل هؤلاء، داخل المخيم أو خارجه، يتلقون الخدمات في المخيم.

الخدمات

من المعلوم أن الأونروا هي الجهة المسؤولة عن تنظيم شؤون المخيمات الخدماتية على الصعد كافة، لكن التقليص المتواصل في تقديم هذه الخدمات أثر سلباً وبصورة كبيرة، وخصوصاً، في مجالي الصحة والتعليم. وفي هذا الإطار يلخص أمين سر اللجان الشعبية في منطقة البقاع، الوضع الخدماتي في المخيم؛ الماء والكهرباء والصحة والتعليم على النحو التالي:

الماء

 تشرف الأونروا على عملية تأمين المياه في المخيم من خلال آبار جوفية وخزانين كبيرين. أمّا مياه الشرب فيضطر السكان إلى شرائها، علماً بأن الأونروا متعاقدة مع مصلحة مياه بعلبك لتأمين المياه لكن الكمية غير كافية وغير صالحة للشرب أيضاً. وقد أمّنت اللجنة الشعبية محطة تكرير للمياه تُعقّم باستمرار، ويستفيد منها أبناء المخيم داخل المخيم وخارجه. ويُشار هنا إلى المعاناة بسبب تلوّث مياه الآبار الجوفية وشحها في كثير من الأحيان. وكانت قد جرت سابقاً عدة محاولات من جهات مانحة لحفر آبار إضافية لكنها باءت بالفشل إذ بيّنت الفحوصات المخبرية أن المياه المستخرجة ملوثة وغير صالحة للشرب.

 الكهرباء

 الكهرباء في المخيم مؤمنة بصورة عامة عن طريق مؤسسة كهرباء لبنان، فهناك ساعات وعدادات رسمية، ويقوم الجباة بتحصيل الرسوم، لكن التعديات على الشبكة العامة كثيراً ما تؤدي إلى احتراق المحولات فيقوم فريق الصيانة في اللجنة الشعبية بإصلاح الأعطال. وبسبب الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان منذ أواخر سنة 2019، فإن القسم الأكبر من الكهرباء تؤمنه المولدات الخاصة عبر الاشتراكات المدفوعة شهرياً. لكن تفاقم الأزمة أضطر بعض العائلات إلى وقف الاشتراكات والاعتماد على وسائل بديلة وقديمة للإنارة.

الوقود

 تجدر الإشارة إلى معاناة أبناء المخيم نتيجة قساوة المناخ. وإذا كان سكان المخيم قادرين على تحمّل حرّ الصيف الشديد، فإن قساوة البرد، والثلوج تفاقم معاناتهم؛ إذ إن ارتفاع أسعار المازوت منذ أواخر سنة 2019 لا يتيح للجميع إمكان تخزين كميات كافية لتشغيل الصوبيات. وعلى الرغم من أن الأونروا وبعض الجمعيات غير الحكومية تقدم كميات بسيطة من المازوت، فإنها تبقى في إطار بعض الحالات الاجتماعية فقط. ناهيك بالمياه التي تتسرب إلى معظم المنازل خلال فصل الشتاء، فتزيد من رطوبة الجدران والأسقف، وتؤدي بالتالي إلى انتشار الأمراض خلال هذا الفصل.

الصحة

 في المخيم عيادة للأونروا تضم قسم صحة عامة وطب أسنان ومختبراً وصيدلية بالإضافة إلى طبيب قلب وطبيبة نسائية. وهناك مستوصفان أحدهما تابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ويقدم خدمات الصحة العامة ويضم مختبراً وعيادة أسنان. ومستوصف بلال بن رباح الذي يضم قسم صحة عامة وعيادة أسنان وصيدلية ومختبراً وقسماً للعلاج الفيزيائي. ويستفيد من خدمات الصحة الفلسطينيون المقيمون في المخيم ومحيطه، أمّا الفلسطينيون في التجمعات الأخرى، مثل بر الياس وتعلبايا، فالأونروا تقدم لهم الخدمات في أماكن تجمعهم.

 وتعاني الأونروا والمستوصفات نقصاً في كميات الأدوية ونوعيتها، وتتعاقد الأونروا مع ثلاثة مستشفيات في المنطقة، اثنان منها بنسبة 90% وواحد بنسبة 60%. وتكمن المشكلة في الأمراض المستعصية مثل أمراض الكلى والسرطان والتصلب اللويحي إذ إن الأونروا في هذه الحالات لا تغطي كامل التكلفة بل تساهم فقط في جزء منها.

التعليم

 يضم المخيم مجمع مدارس للأونروا يحمل اسم ثانوية الجليل المختلطة التي تضم صفوف المراحل الثانوية والمتوسطة والابتدائية. وبحسب مصادر اللجنة الشعبية، يبلغ عدد طلاب المرحلتين الثانوية والمتوسطة 335 طالبة وطالباً، بينما يبلغ عدد طلاب المرحلة الابتدائية 580 طالبة وطالباً. وتعاني المدارس نقصاً في الشواغر فيما يتعلق بالمعلمين، وهذا يعود إلى سياسة تقليص الخدمات التي تقدمها الأونروا، بالإضافة إلى عدم وجود مختبر حديث متطور. لكن على الرغم من كل المعوقات فإن نسبة النجاح في الامتحانات الرسمية تُعتبر من الأفضل بين المخيمات، كما أن مشكلة التسّرب المدرسي تكاد تكون معدومة في المخيم.

بالنسبة إلى رياض الأطفال، هناك روضتان تابعتان لجمعيات محلية: روضة الأقصى وروضة الإنعاش.

المؤسسات الأهلية

اللافت في مخيم الجليل هو عدد الجمعيات الأهلية، إذا أخذنا في الاعتبار مساحة المخيم وعدد سكانه، وهي تعمل في عدة مجالات، نذكر منها: جمعية النجدة الاجتماعية، ومركز أطفال الجليل، وجمعية الصمود، وجمعية براعم، وجمعية الغوث الإنساني، وجمعية البرامج النسائية. وهناك أربعة نوادي: بيت جالا، والفالوجة، والنقب، وفلسطين.

العمل

خلال خمسينيات القرن الماضي وستينياته، شكلت الزراعة الموسمية العمل الرئيسي لسكان المخيم بالإضافة إلى الأعمال المهنية الأُخرى التي كانت متاحة حينها، فكان أبناء المخيم يقصدون منطقة زحلة والسهول المحيطة للعمل بحسب المواسم، وفي مواسم أُخرى يعملون في البناء. وقد استفاد أهالي المنطقة من اليد العاملة الفلسطينية من ناحيتين: الأولى، تدني أجرة العامل الفلسطيني؛ والثانية الخبرة في مجال الزراعة، ولا سيما أن أبناء مخيم الجليل هم في الأصل فلاحون.

وابتداء من السبعينيات، أتاح تولي فصائل الثورة الفلسطينية مسؤولية المخيمات مجالاً جديداً للعمل، فالتحق عدد كبير من أبناء المخيم بهذه الفصائل، إذ كانت تؤمّن دخلاً شهرياً ثابتاً من ناحية، وتعطي الفلسطيني شعوراً بالأمان والثقة والانتماء الوطني من ناحية ثانية. وفسحت الأوضاع الجديدة المجال أمام أبناء المخيم للقيام بأعمال تجارية بسيطة في المخيم وفي الجوار. لكن التطورات السياسية والعسكرية التي حدثت بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سنة 1982، أدت إلى تراجع كبير في مستويات الدخل الفردي في المخيم. وشكلت موجات الهجرة إلى الدول الإسكندنافية متنفساً لأهالي المخيم الذين صارت تحويلات أبنائهم وأقاربهم المنقذ من الفقر والعوز.

منذ نهاية سنة 2019، يعاني الفلسطينيون في مخيمات لبنان أوضاعاً سيئة نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضرب لبنان بصورة عامة. وفي مقابلة مع أحد سكان المخيم، أشار إلى أن عدداً لا بأس به من الأساتذة الفلسطينيين يعمل في أفضل مدارس المنطقة، وكلهم من ذوي الاختصاص، ومنهم مهندسون لم يجدوا عملاً متاحاً إلاّ التدريس. وعلى الرغم من النتائج الممتازة التي يحققها هؤلاء الأساتذة، فلا حقوق لهم بسبب قوانين العمل اللبنانية التي تحرم اللاجئ الفلسطيني من ممارسة معظم الوظائف. أمّا بالنسبة إلى الخريجين الجدد، فالوضع مأساوي، إذ بينهم المهندس والطبيب وخريج إدارة الأعمال، ومعظمهم يتسكع في شوارع المخيم، أو يعمل سائق تاكسي، ينتظر الفرج الآتي عن طريق فتح باب الهجرة.

لكن، وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع، فإن المخيم من ناحية ثانية، يضم عدداً لا بأس به من المحال التجارية والمؤسسات الصغيرة التي تحاول تلبية حاجات السكان. فعلى سبيل المثال، تنتشر محال تجارية صغيرة، منها محلات الألبسة والسمانة ومطاعم صغيرة ومقاهي إنترنت ومحلات لبيع الهواتف الخلوية وصالونات للتزيين النسائي وغيرها، بالإضافة إلى الصيدليات والأفران.

هجرة سكان المخيم

لا شك في أن الأوضاع الصعبة التي عانى جرّاءها أبناء المخيم ولا يزالون، دفعت نسبة كبيرة منهم إلى الهجرة عندما فتح عدد من الدول الأوروبية أبوابه لاستقبال الفلسطينيين خلال منتصف ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته. وتشير بعض المصادر إلى أن نحو 7000 شخص من سكان المخيم والمناطق المحيطة به هاجروا إلى الدانمارك والسويد وبنسبة أقل إلى النرويج. وتكاد كل عائلة في المخيم تعتمد على التحويلات التي يرسلها الأبناء المهاجرون في إحدى الدول الإسكندنافية. ويروي الأهالي قصصاً كثيرة ومؤلمة عن الهجرة "في ناس باعت بيوتها لتسافر، وفي نسوان باعت الذهب والمقتنيات."

في المحصلة، الوضع الاقتصادي في مخيمات لبنان صعب جداً، وتتفاقم المعاناة نتيجة ارتفاع نسب البطالة وغياب فرص العمل. ويعتمد كثير من العائلات على مساعدات من الأقارب في أوروبا ودول الخليج، وعلى ما تقدمه الفصائل الفلسطينية.

السياسة والأمن

شهد المخيم تحوّلات كبيرة على صعيد المسؤولية الأمنية. ففي العقدين الأولين كانت القوى الأمنية اللبنانية صاحبة السلطة في المخيمات فكانت تفرض قيوداً صارمة على السكان. وبما أن المخيم عبارة عن ثكنة عسكرية مهجورة، كانت بوابة الثكنة هي الممر الوحيد للخروج والدخول، وكانت القوى الأمنية اللبنانية تفتح هذه البوابة صباحاً وتعيد إغلاقها مع الغروب بحيث يُمنع الخروج من المخيم بعد الوقت المحدد. ويروي أحد السكان، عن الحفلات التي كانت تُقام صيفاً في قلعة بعلبك الأثرية القريبة من المخيم، وكيف كان أهل المخيم يسمعون الأصداء كأنها تأتي من عالم آخر، إذ لم يكن بوسعهم شراء التذاكر غالية الثمن لحضورها من ناحية، ومن ناحية ثانية كان يُمنع عودتهم إلى المخيم بعد الوقت المحدد مساء.

لكن الأمور تغيرت بعد توقيع اتفاق القاهرة بين السلطات اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية في سنة 1969، إذ أصبحت المخيمات في عهدة المنظمة، فزالت جميع القيود المتعلقة بحركة التنقل من المخيم وإليه، وانتعشت الأوضاع اقتصادياً، والأهم من ذلك تمتع السكان بحرية التعبير السياسي وهو أمر لم يكن متاحاً في السابق.

وبعد خروج قوات المنظمة من لبنان في سنة 1982، شهد المخيم تقلبات كثيرة من ناحية المسؤولية الأمنية بسبب الانقسام الداخلي الفلسطيني والتشتت الذي أصاب الساحة الوطنية الفلسطينية وسيطرة الفصائل الموالية لسوريا، وربما كان هذا من أهم الأسباب التي دفعت بشباب المخيم وعائلاته إلى الهجرة. في الوقت نفسه، يمكن القول إن المخيم نأى بنفسه خلال الحرب الأهلية اللبنانية، باستثناء حوادث قليلة. كما تمكنت القوى السياسية والعسكرية في المخيم من تحييده خلال حرب المخيمات (1985-1987).  لكن المخيم لم ينجُ من الاعتداءات الإسرائيلية، ففي سنة 1984 شنّت الطائرات المعادية غارة استهدفت المخيم بصورة مباشرة أسفرت عن وقوع عدد كبير من الضحايا.

حالياً، المخيم في عهدة فصائل منظمة التحرير وقوى التحالف الوطني، وتشرف اللجان الشعبية على القضايا الاجتماعية والشؤون الحياتية اليومية للمواطنين. وتعمل اللجان الشعبية كبلدية مصغرّة، إذ هناك قيادة موحدة تتابع شؤون المخيم في الداخل ومع الأونروا ومع السلطات اللبنانية. كما أن مخيم الجليل يتميز عن المخيمات الأُخرى بعدم وجود حاجز للجيش اللبناني على مدخله، فهناك مدخل رئيسي للسيارات بالإضافة إلى مدخلين فرعيين للمشاة فقط.

ويحرص أبناء المخيم على المشاركة في المناسبات الوطنية كافة، ومنها مثلاً مسيرات العودة التي نظمها الفلسطينيون إلى الحدود اللبنانية-الفلسطينية في أيار/ مايو 2011، حيث استشهد أحد أبناء المخيم، خليل محمد أحمد، 22 عاماً بعد أن أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار في اتجاه المتظاهرين سلمياً، وهو ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين المتظاهرين.

العلاقة مع المحيط

يؤكد سكان المخيم على متانة العلاقة بسكان مدينة بعلبك وقراها، فالمخيم بمثابة حي من أحياء المدينة، وأمنه من أمنها. وتشير مصادر اللجنة الشعبية إلى العلاقة المميزة مع البلدية والمحافظ والقوى اللبنانية في المنطقة. ومن الأهمية هنا الحديث عن علاقات المصاهرة بين العائلات اللبنانية والفلسطينية والتي من شأنها تعزيز الروابط وتمتينها. ويقول أحد كبار السن في المخيم إن بين المخيم ومنطقة بعلبك شراكة في الحرمان، وخصوصاً أن بعلبك في الأساس تعاني بسبب الإهمال والضائقة الاقتصادية، حتى أن عدداً من أبناء المدينة يقصدون عيادة طب الأسنان في المخيم لعدم قدرتهم على دفع تكلفة العلاج المرتفعة في العيادات الخاصة.

***

الحياة في هذا المخيم المهمش والمنسي ترسم صورة واضحة عن التجربة الفلسطينية في لبنان، تؤكد مدى أهمية التماسك السياسي والاجتماعي داخل مخيمات اللجوء في هذا البلد. على مدخل المخيم تستقبل الزائر لافتة كبيرة: "من جيل لجيل عن العودة والقدس مش متنازلين"، وترسم يدّ مبدعة جدارية جميلة بألوانها، يرفرف فيها علم فلسطين وتحته بخط أنيق: "هل أراك ... سالماً منعماً وغانماً مكرماً."

قراءات مختارة: 

شبشول، حنين. "مخيم الجليل .. مدينة ظل بعلبكية". موقع المدن:

https://www.almodon.com/society/2016/1/21/مخيم-الجليل-مدينة-ظل-بعلبكية

علوه، سعدى. "مخيم الجليل في بعلبك: ضيوف في مدينة الشمس". جريدة "السفير". 3 آذار/ مارس 1999.

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى. " مخيم ويفل للاجئين":

https://www.unrwa.org/ar/where-we-work/لبنان/مخيم-ويفل-للاجئين

مقابلات هاتفية:

حسين الحاج (أبو عبد الله)؛ نور الهدى الحاج: 15 و16 حزيران/ يونيو 2019.

مالك الأسعد: أيار/ مايو 2022.

مسؤول اللجان الشعبية، أبو جهاد عثمان: حزيران/ يونيو 2019؛ 7 حزيران/ يونيو 2022.

Dorai, Kamel. Les réfugiés palestiniens du Liban : une géographie de l’exil. Paris : CNRS Éditions, 2006.

“Israel: Ongoing Extra- Judicial Execution of Peaceful Demonstrators and Activists.” 1 July 2011.

https://www.alkarama.org/en/articles/israel-ongoing-extra-judicial-execu...

Mahan Abedin, Jalil: “The Forgotten Refugee Camp.” Middle East Monitor. 25 January 2014. https://www.middleeastmonitor.com/20140125-jalil-the-forgotten-refugee-c...

t