سيرة

عبد اللطيف صلاح

سيرة

عبد اللطيف صلاح

1884, نابلس
8 تشرين الثاني 1952, عمّان

ولد عبد اللطيف صلاح في مدينة نابلس. والده: مصلح. شقيقه: أمين. زوجته: ابنة الشيخ عمر زعيتر رئيس بلدية نابلس.

ابنه: وليد عبد اللطيف صلاح كان محامياً، وشغل، في الخمسينيات، عدة مناصب وزارية في الأردن، كما شغل منصب نقيب المحامين، وعضو مجلس الأعيان ومجلس الأمة.

تلقى عبد اللطيف صلاح تعليمه الأساسي في مدارس نابلس الحكومية، وأنهى تعليمه الثانوي في مدارس الحكومة في إستانبول.

التحق عبد اللطيف صلاح بمعهد الحقوق في إستانبول وتخرّج فيه محامياً، وكان اختصاصه في مجال القضايا الجزائية، وعمل في كتابة مجلس الشورى حتى إعلان الدستور العثماني في تموز/ يوليو 1908، ثم انتقل للعمل في مديرية تحريرات مجلس الشيوخ. وكان يتقن، إلى جانب اللغة العربية، اللغتين التركية والفرنسية.

اختير عبد اللطيف صلاح في مطلع سنة 1919 عضواً في "الجمعية الاسلامية المسيحية" في نابلس، وشارك على هذا الأساس في المؤتمر العربي الفلسطيني الأول الذي دعت إليه "الجمعيات الإسلامية-المسيحية"، وعُقد في القدس ما بين 27 كانون الثاني/ يناير و10 شباط/ فبراير 1919، وقرر إرسال مذكرتين إلى مؤتمر السلم في باريس يرفض فيهما تصريح بلفور ويطالب باستقلال فلسطين في إطار وحدتها مع سورية. ثم اشترك في أعمال المؤتمرات العربية الفلسطينية الستة التالية التي انعقدت في فلسطين حتى سنة 1928.

كلف علي رضا الركابي رئيس الحكومة السورية، إبان العهد الفيصلي، عبد اللطيف صلاح، في 25 أيلول/ سبتمبر 1919، بتشكيل معهد الحقوق في مدينة دمشق، وعُيّن، لفترة قصيرة، عميداً له.

أنشأ عبد اللطيف صلاح مكتباً للمحاماة في مدينتَي نابلس والقدس، وعمل مدرساً للقانون في معهد الحقوق في القدس وكتب في هذا المجال.

انتخب عبد اللطيف صلاح، في سنة 1922، عضواً في "المجلس الإسلامي الأعلى" عن لواء نابلس، إلى جانب محمد أمين الحسيني عن لواء القدس، وسعيد الشوا عن لواء غزة، والشيخ محمد مراد عن لواء حيفا، وعبد الله الدجاني عن لواء يافا، واختير محمد أمين الحسيني رئيساً للمجلس. وبعد انتهاء دورة انتخابه، التي استمرت أربعة أعوام، كرس معظم وقته للعمل في المحاماة وبرز بصفته محامياً ناجحاً، اشتهر بتوليه قضايا الأراضي ودفاعه عن حق العرب فيها، ومقاومة محاولات الحركة الصهيونية الاستيلاء عليها.

أسس عبد اللطيف صلاح، في مطلع نيسان/ أبريل 1925، في مدينة نابلس حزب "الأهالي" الوطني، وكان من قادته البارزين عادل زعيتر. ويُقال إن الشيخ عمر زعيتر، رئيس بلدية نابلس، أوصى صهره عبد اللطيف صلاح، عضو "المجلس الإسلامي الأعلى"، بأن يسعى إلى أن يخلف ابنه عادل زعيتر رئاسة البلدية من بعده، فعمد الاثنان إلى تأليف هذا الحزب كي يضمنا الفوز في الانتخابات. وقد تمثّلت أهداف الحزب في نشر المبادئ الديمقراطية بين أبناء الشعب الفلسطيني، وعدم التفرد والتسلط واحتكار السلطة، والعمل على تنمية أحوال البلاد الاقتصادية والتجارية ونشر التعليم، والسعي من أجل تخفيف الأعباء عن كاهل المواطن الفلسطيني، وخصوصاً الضرائب، وحشد الجهود من أجل محاربة عمليات بيع الأراضي لليهود. أمّا على الصعيد السياسي، فقد هدف الحزب إلى الحد من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والعمل على إلغاء تصريح بلفور وإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين. لكن هذا الحزب لم يعمر طويلاً، وانحسر نشاطه في سنة 1927.

قام عبد اللطيف صلاح، في صيف سنة 1932، بزيارة مطولة إلى فرنسا، زار فيها مدناً فرنسية عديدة، بما فيها باريس ومسجدها، ثم نقل انطباعاته عن تلك الزيارة، بعد عودته، في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة "فلسطين" في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 1932.

شارك عبد اللطيف صلاح، في 25 شباط/ فبراير و26 آذار/ مارس 1933، في الاجتماعين الوطنيين اللذين عقدا في نابلس وتقرر فيهما انتهاج سياسة "اللاتعاون" مع سلطات الانتداب، لكنه كان من أنصار تطبيق هذه السياسة بالتدريج، على أن تبدأ بـ "مقاطعة المجاملات مع الحكومة، بحيث لا تقام حفلات لرجالاتها ولا تقبل دعواتها للمشاركة في الحفلات التي تنظمها"، ومقاطعة البضائع الإنكليزية.

اتفق عبد اللطيف صلاح، بالتعاون مع حمدي الحسيني، وعبد الفتاح طوقان، وتوفيق الفاهوم، والحاج سعيد كمال، وشفيق عسل، في منتصف نيسان/ أبريل 1935، على إنشاء حزب وطني، وأصدر هو وعبد الفتاح طوقان بياناً جاء فيه "أن الحالة الحاضرة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وقضيته، دعت البعض إلى التفكير في تأليف كتلة سياسية محايدة، تقوم بواجبها في إطار العمل الوطني وتوحيد جبهة الدفاع عن حقوق الشعب"، وهم يدعون "جميع من يعتنقون هذا المبدأ إلى الاشتراك معهم لإخراج هذه الفكرة من حيز القول إلى حيز العمل".

وفي الرابع من تشرين الأول/ أكتوبر 1935، أُعلن عن تشكيل حزب "الكتلة الوطنية"، برئاسة عبد اللطيف صلاح، الذي دعا في برنامجه السياسي إلى التركيز على عنصر الشباب في العمل الوطني، وتوحيد جهود أبناء البلاد في جبهة واحدة، والاهتمام بمناصرة الجمعيات النسائية. بينما نصّ نظامه الأساسي على قبول "كل من يبلغ الرشد بإكماله العشرين سنة من عمره"، و"تعهد منذ دخوله بأن لا يفرط بحقوق الوطن بأي وجه كان، وخصوصاً بأن لا يبيع أرضاً ولا يتوسط بنقلها من عربي إلى غير عربي"، كما "تعهد بالمحافظة على مبادئ الحزب ونشرها وقطع علاقته مع أي حزب سياسي آخر"، واعتبار أن "الآنسات والسيدات اللواتي يحملن مبادئ هذا الحزب تسجل أسماؤهن كأعضاء شرف ومؤازرات". وتمثلت أهداف الحزب السياسية في السعي "للوصول إلى استقلال فلسطين السياسي التام والمحافظة على عروبتها بجميع الطرق السياسية"، واعتماد "الطرق العملية المؤدية إلى إنعاش الصناعة والزراعة والتجارة والطرق الصحية التي تحفظ النسل وتزيد المواليد ونشر الكشفية وأعمال الرياضة في جميع الأنحاء العربية"، واتخاذ "جميع الوسائل الفعالة لنشر الدعاية في العالمين الشرقي والغربي وتأمين نشر مذكرات أسبوعية عن الحالة السياسية والإدارية بجميع الوسائط الفنية الحديثة".

بعد اندلاع الإضراب العام والثورة الكبرى في فلسطين في منتصف نيسان/ أبريل 1936، ترأس عبد اللطيف صلاح "اللجنة القومية" في مدينة نابلس. وفي 18 نيسان، دعا إلى إجراء انتخابات لاختيار أعضاء الوفد الفلسطيني الذي يمكن أن يذهب إلى لندن للتباحث مع الحكومة البريطانية، على أن تتم دعوة ستين شخصاً من رجالات الأحزاب، ومثل هذا العدد من الصحافيين ومن غير الحزبيين، لانتخاب هذا الوفد، وذلك خلافاً لموقف زعيم الحزب العربي الفللسطيني، جمال الحسيني، الذي أرد تعيين أعضاء هذا الوفد.

في 25 نيسان/ أبريل 1936، اختير صلاح عضواً في "اللجنة العربية العليا"، التي تشّكلت من زعماء الأحزاب الفلسطينية الستة الكبرى، وهي الحزب العربي الفلسطيني، وحزب الدفاع الوطني، وحزب الاستقلال، وحزب الكتة الوطنية، وحزب الإصلاح ومؤتمر الشباب العربي، بصفتها إطاراً قيادياً للحركة الوطنية الفلسطينية، برئاسة الحاج محمد أمين الحسيني.

بعد قيام سلطات الانتداب البريطاني بفرض غرامة مالية على مدينة نابلس جراء مشاركتها في الإضراب العام، عُقد اجتماع حاشد في مسجد نابلس الكبير، في 17 آب/ أغسطس 1936، ألقى فيه عبد اللطيف صلاح خطاباً انتقد فيه قيام السلطات البريطانية بفرض الغرامة المالية على المدينة، مؤكداً "أن أمة قطعت على نفسها العهد بأن تواصل النضال الشريف المشروع في سبيل قضيتها الحقة، حتى تصل إلى مطالبها، لا يثنيها عن عزمها وإضرابها ضروب القسوة وفرض الغرامات".

في 15 كانون الثاني/ يناير 1937، قدم عبد اللطيف صلاح، بصفته عضواً في "اللجنة العربية العليا"، شهادته أمام لجنة التحقيق الملكية البريطانية (لجنة بيل)، فأكد أن السبب الأساسي لـ "الاضطرابات" التي تشهدها فلسطين هو "خيبة الآمال المعقودة على بريطانيا بنيل العرب حقوقهم واستقلالهم"، فضلاً عن وعد بلفور، بحيث صار "مقضي علينا بترك قسم من أراضي آبائنا وأجدادنا لشعب غريب"، و"مخالفة صك الانتداب لعهد عصبة الأمم" و"تفسير الحكومة صك الانتداب تفسيراً خاطئاً".

أعلنت سلطات الانتداب البريطاني، في تشرين الأول/ اكتوبر 1937، حظر نشاط "اللجنة العربية العليا"، وقامت بملاحقة أعضائها، فلجأ عبد اللطيف صلاح الى مصر ثم الى سورية ولبنان، وأصدر المندوب السامي البريطاني، في 14 من ذلك الشهر، قراراً يمنع عبد اللطيف صلاح من العودة إلى فلسطين.

عاد عبد اللطيف صلاح إلى فلسطين، في 15 آذار/ مارس 1940، بعد تراجع سلطات الانتداب عن قرارها بمنعه من العودة. وكان قد اختير عضواً في وفد "اللجنة العربية العليا" إلى مؤتمر "المائدة المستديرة"، الذي عقد في لندن خلال شهرّي شباط/ فبراير وآذار 1939 لمناقشة مستقبل فلسطين السياسي، وحضره، إلى جانب الممثلين الفلسطينيين، ممثلون عن مصر، والعراق، والسعودية، وشرق الأردن واليمن. وطالب الممثلون العرب خلاله بوقف الهجرة اليهودية، وإنهاء الانتداب وضمان استقلال فلسطين، على أن يمنح اليهود فيها حقوق الأقلية.

عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تقرر، في خريف سنة 1945، تفعيل نشاط "اللجنة العربية العليا لفلسطين" من ممثلي الأحزاب السياسية الفلسطينية، ومن ضمنهم عبد اللطيف صلاح، على أن يُترك منصب الرئاسة شاغراً. لكن هذه اللجنة لم تعمر طويلاً بسبب الاختلافات الحزبية التي شهدتها. وفي حزيران/ يونيو 1946، تمّ، بقرار من جامعة الدول العربية، إنشاء "الهيئة العربية العليا لفلسطين" برئاسة الحاج محمد أمين الحسيني، التي لم يشارك فيها عبد اللطيف صلاح.

بعد وقوع نكبة فلسطين، وإلحاق الضفة الغربية لنهر الأردن بالمملكة الأردنية الهاشمية، اختير عبد اللطيف صلاح، في سنة 1950، عضواً في مجلس الأعيان الأردني الثاني، من 20 نيسان/ أبريل 1950 حتى 30 أيار/ مايو 1951، وكان هذا المجلس يتكوّن حينها من عشرين شخصية فقط، وشارك في صوغ أنظمة المملكة الأردنية الهاشمية وقوانينها.

أسس عبد اللطيف صلاح، في سنة 1950، نقابة المحامين في الأردن، التي نشطت في الضفة الغربية لنهر الأردن كذلك، وانتخب أول نقيب للمحامين خلال الفترة من 25 تشرين الثاني/ نوفمبر 1950 حتى 25 أيلول/ سبتمبر 1952. 

توفي عبد اللطيف صلاح في مدينة عمّان، في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1952، ونعته مجموعة من الشخصيات الأردنية والفلسطينية، ومنهم نقيب المحامين الأردنيين شفيق ارشيدات الذي نعاه قائلاً: "ننعى بمزيد من الأسى وفاة عبد اللطيف صلاح، علم من الأعلام الوطنية والقانون في العالم العربي". وتخليداً لذكراه، أطلق اسمه على أحد شوارع العاصمة الأردنية، كما استحدثت نقابة المحامين الأردنيين "وسام عبد اللطيف صلاح" الذي يتم منحه للشخصيات الحقوقية البارزة.

عبد اللطيف صلاح ناشط سياسي بارز وقطب من أقطاب الحركة الوطنية الفلسطينية خلال عهد الانتداب البريطاني. اشتهر، بصفته محامياً بارعاً، بدفاعه عن حقوق العرب في أراضيهم، وتصديه لمساعي المستوطنين اليهود الرامية إلى الاستيلاء عليها. وقد وصفه عمر الصالح البرغوثي في صحيفة "مرآة الشرق" بأنه "حديدي الطبع، قوي الشخصية، مقاتل معارك، ملاحق مخاصم عنيد، كريم النفس، عزيز الجانب".

 

من آثاره:

"شرح قانون المحاكمات الحقوقية". القدس: مطبعة دار الأيتام الإسلامية، 1924.

"في المرآة: عبد اللطيف بك صلاح". "مرآة الشرق"، 1 أيلول 1927.

"الأستاذ عبد اللطيف بك صلاح يحدثنا عن مدن الاستشفاء في فرنسا". "فلسطين"، 12 تشرين الأول 1932.

"سياسة اللاتعاون للأستاذ عبد اللطيف بك صلاح". "فلسطين"، 31 آب 1933.

"حديث عبد اللطيف صلاح عن الوفد [إلى لندن]". "الكرمل الجديد"، 18 نيسان 1936.

"في مسجد نابلس الكبير: فقرات من خطاب الاستاذ عبد الطيف صلاح بعد وضع الغرامة الكبرى على نابلس". "الجامعة الإسلامية"، 17 آب 1936.

"أمام اللجنة الملكية: البيان المقدم من عبد اللطيف بك صلاح". "الجامعة الإسلامية" و"الدفاع" و"فلسطين" 19 كانون الثاني 1937.

 

المصادر:

"التنظيمات والأحزاب السياسية الفلسطينية قبل عام 1948: حزب الأهالي الفلسطيني؛ حزب الكتلة الوطنية". مركز الأبحاث الفلسطيني،

https://www.prc.ps/التنظيمات-والأحزاب-السياسية-الفلسطي/

الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.

دروزة، محمد عزة. "مذكرات محمد عزة دروزة: سجل حافل بمسيرة الحركة العربية والقضية الفلسطينية خلال قرن من الزمن" (خمسة مجلدات). بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1993.

"عبد اللطيف صلاح" (سياسي). "عريق"،

https://areq.net/m/عبد_اللطيف_صلاح_(سياسي).html

"الموسوعة الفلسطينية، القسم العام"، المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.

نويهض، عجاج. "رجال من فلسطين". بيروت: منشورات فلسطين المحتلة، 1981.

Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: a Biographic Dictionary2nd ed., rev. and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.