
سلافة حجاوي
ولدت سلافة حجاوي في مدينة نابلس. يُقال إن الشاعر إبراهيم طوقان اختار اسمها. والدها: حسن. زوجها: الأديب العراقي كاظم جواد. ابنها: مصعب. ابنتها: شعلة.
درست سلافة حجاوي في مدرسة "العائشية" في مدينة نابلس حتى الصف الثالث الثانوي، وحاولت نظم الشعر وهي فتاة يافعة، فكانت تطلع الشاعرة فدوى طوقان على قصائدها الأولى، إذ كانت فدوى في السابق تلميذة عمتها فخرية حجاوي.
انتقلت سلافة حجاوي مع عائلتها، في سنة 1951، إلى العراق، حيث عمل والدها في مهنة الخياطة وتجارة الجوخ. وأكملت دراستها الثانوية في مدرسة "الرشيد" في بغداد، ثم التحقت بكلية الآداب في جامعة بغداد، ونالت منها، في سنة 1956، شهادة البكالوريوس في الأدب الإنكليزي بمرتبة "امتياز"، فقد حصلت على المعدل الأعلى في الكلية، وحُفر اسمها على "لوحة الشرف" للمتفوقين.
تزوجت سلافة حجاوي في بغداد من الأديب والشاعر العراقي كاظم جواد، وكان الشاعر بدر شاكر السياب شاهداً على عرسها. وانخرطت في الحياة الثقافية في العراق خلال ستينيات القرن العشرين، وراحت تنشر قصائدها في مجلة "الآداب" اللبنانية.
بعد هزيمة حزيران/ يونيو 1967، درست سلافة حجاوي العلوم السياسية، وعملت مترجمة ثم باحثة في "مركز الدراسات الفلسطينية" التابع لكلية العلوم السياسية في جامعة بغداد، ومحررة للمجلة الصادرة عن المركز ذاته.
انتسبت سلافة حجاوي في العراق إلى حركة "فتح" في سنة 1969، ونشطت فيها على الصعيدين الثقافي والنسائي، فأنشأت فرعاً للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، عمل بين اللاجئين الفلسطينيين في العراق.
شاركت سلافة حجاوي في نيسان/ أبريل 1969 في مهرجان الشعر العربي التاسع الذي عقد في ختام المؤتمر السابع للاتحاد العام للأدباء العرب في بغداد، ولقيت قصائدها استحساناً وكتبت الصحافة العربية عنها.
وتميزت بالترجمة الأدبية، حتى اعترف لها أستاذها الروائي جبرا إبراهيم جبرا بأنها فاقته دِقّةً بترجمة قصائد الشعراء الكبار، إذ حافظت على دقة التعبير والصورة والإيقاع في كل قصيدة لمستها بيديها. ويرى بعض النقاد أنها بترجمتها شعراء المقاومة إلى الإنكليزية "نقلت المعركة الفلسطينية إلى الغرب."
ساهمت سلافة حجاوي في تشكيل اتحاد للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في العراق، الذي أصبح لاحقاً فرعاً للاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين. وتم انتدابها من الاتحاد في سنة 1983 لدى الاتحاد العام للصحفيين العرب، الذي انتدبها بدوره لتمثله لدى منظمة الصحفيين العالمية في براغ.
كانت سلافة حجاوي قد تركت نظم الشعر بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، التي اعتبرتها خيبة أمل كبيرة، ولم تعد إليه إلاّ في النصف الثاني من الثمانينيات، بعد وفاة زوجها، وذلك بقصيدة رثائية بعنوان "سفن الرحيل" التي انتشرت على نطاق واسع.
حصلت سلافة حجاوي على شهادة الماجستير في العلوم السياسية سنة 1987. وقررت في سنة 1988، بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى بأشهر، الاستقالة من العمل في كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد، والانتقال إلى تونس، حيث عملت مديرة للشؤون السياسية في مكتب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، وكانت ضمن أربعة مستشارين له، ثم تولّت إدارة مركز التخطيط الفلسطيني في تونس.
في سنة 1994، عادت سلافة حجاوي إلى قطاع غزة، ونقلت مركز التخطيط الفلسطيني إليه بعد توقيع اتفاقية "غزة أريحا أولاً"، فأشرفت على إعادة تأسيسه وإدارته حتى أواخر سنة 2005.
بعد تقاعدها من العمل، أجرى معها الصحافي الفلسطيني محمد كريزم حواراً مطولاً في منزلها في مدينة رام الله عن تجربتها الشعرية وهموم الشعر العربي، فقالت:
"شهدت الخمسينيات البداية التجريبية لقصائدي، وكانت آنذاك قصائد صغيرة، ومنذ أواخر الستينيات انطلقت شاعرة، كان توجهي نحو قضيتي الوطنية، فلذلك اتسمت جميع قصائدي والتي عرفت على صعيد الوطن العربي بأنها قصائد وطنية ذات لون وطعم خاص، به كثير من الذاتية، وتأثرت كثيراً بحبي للصور والرسومات، فاتخذت قصائدي نمط اللوحة أكثر من السرد الذي ينتهجه عدد من الشعراء. أصدرت مجموعتي الشعرية الأولى سنة 1975 خلال مؤتمر الأدباء العرب، وكتبت عني الصحافة في ذلك الحين من المحيط إلى الخليج، بأنني أنبئ بمولد أكبر شاعرة عربية، ولكنني خيبت أمالهم لأنني انشغلت بالقضايا السياسية وتوجهت إلى الدراسات الأكاديمية لأسباب معينة، وقد عدت إلى الشعر منذ أواسط الثمانينيات لأكتب نمطاً جديداً من القصائد."
ولدى سؤالها عن موقفها من الشعر التعبوي والثوري، أجابت: "مما لا شك فيه أن الشعر هو الشعور، ولذلك لا بد أن لا يقتصر الشعر على الجانب التعبوي، فللشعر الثوري دور معين ومحدود، ولكن الشعر الجيد هو الشعر التأملي الذي يعكس أفكاراً واقعية تنم عن قيم إنسانية، والشعر الثوري ذو مرحلة زمنية معينة دائماً، إلاّ إذا أخذ بعين الاعتبار المشاعر الإنسانية الراقية."
وعن سؤال بشأن اقتصار ظهور شعر المقاومة على داخل فلسطين، ردّت بقولها: "إن التحديات كانت مختلفة؛ ففي داخل الوطن كان الاحتلال، وكان الوجود راسخاً في فلسطين على الأرض وهو يتحدى المحتل، أمّا في الخارج فكان الوضع مأساوياً، فكان الشتات، والكل يريد أن يثبت ذاته ويريد أن يقول أنا موجود، هذه هي مرحلة الشتات ثم تطورت إلى مقاومة بعد ذلك؛ فهناك فارق في نوع التحديات التي واجهت الداخل والخارج."
وعن التخوم التي تفصل في الشعر بين ما هو عالمي وما هو عربي أو فلسطيني، أجابت:
"الشعر إمّا أن يكون عالمياً أو لا يكون، هذا رأيي، ما الذي يعنيه ذلك؟ يعني أنك تكتب قصيدة تجسد خصوصيتك كفلسطيني أو كأي مواطن في أي دولة أُخرى، ولكنها تعطي مفهوماً يفهمه ويستوعبه جميع أفراد العالم، وهذا هو الشعر العالمي؛ لا يعني الشعر العالمي أن تكتب عن أشياء بعيدة عن واقعك، لا، انظر إلى الشاعر العظيم [فيديريكو غارثيا] لوركا. لقد كتب عن تفاصيل حياة الغجر، وهي تفاصيل حياة صغيرة ومحدودة جداً، ولكن لوركا استحق عن جدارة (العالمية) لأن كل إنسان يقرأ الشعر في العالم يفهم ويتفاعل مع لوركا، لأنه يعبّر في قصائده من خلال هذه الخصوصية عن مشاعر وآلام وأحلام عالمية يفهمها أي إنسان في أي بقعة من العالم، فالعالمية لا تتضارب ولا تتناقض مع الخصوصية إذا كان يلفها الإبداع."
وعمّا إذا كانت قضايا المرأة قد احتلت حيزاً في شعرها، ردّت قائلة: "لا، لم أكتب بهذه الطريقة، أنا لا أؤمن بالمطالبة بحقوق المرأة، وإنما أؤمن بانتزاع الحقوق، وعلى المرأة أن تناضل ولا تطالب فقط، لذلك لم أكتب شيئاً يطالب بحقوق المرأة مطلقاً، لقد كنت على الدوام أخذ وأنتزع حقوقي بقدرتي وكفاءتي ومهاراتي، فالمرأة التي لا تناضل من أجل حقها تفقد هذا الحق، وحقوق المرأة مهضومة وفي اعتقادي أن المرأة الفلسطينية لم تأخذ حقوقها وعلى المرأة الفلسطينية أن لا تنكمش أو تنكفئ على نفسها"، وعن مساهمة الشاعرات الفلسطينيات، لاحظت أن: "عدد الشاعرات إجمالًا في ساحتنا الفلسطينية قليل، وهذا يعكس الواقع، لأن كتابة الشعر تتطلب حرية نفسية، والمرأة في مجتمعنا بشكل عام لا تتمتع بهذه الحرية، إضافة إلى أن الشعر يتطلب ثقافة، وقد تشعر النساء الفلسطينيات –على الأغلب- بخوالج وأحاسيس، ولكنهن لا يستطعن التعبير عنها بالشكل المطلوب، فالفرصة في مجتمعنا أمام المرأة ما زالت ضئيلة."
يقول جمال البابا الذي كان من أوائل من عملوا مع سلافة حجاوي في قطاع غزة، عندما أسست مقر مركز التخطيط الفلسطيني: "كانت تهتم بشكل كبير بالترجمة، وتولي اهتماماً واضحاً بالشؤون المحلية على كل المستويات، بالإضافة إلى شؤون المفاوضات، والشؤون الإسرائيلية، والأميركية، والإقليمية، من خلال الدوائر المختلفة للمركز." ويضيف: "كانت حجاوي على تواصلٍ دائم مع القيادة الفلسطينية، تزودهم بتقديرات الموقف، وقد أسست مجلة مركز التخطيط، كواحدةٍ من أهم المجلات البحثية في المجال السياسي، علاوةً على ذلك فهي ذات مهارات قيادية وإدارية عالية، ظّلت ترأس تحرير مجلة مركز التخطيط حتى تقاعدها."
توفيت سلافة حجاوي في 14 أيلول/ سبتمبر 2021 في مدينة رام الله بعد معاناة مع المرض. وقد نعاها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف، الذي قال: "إن المناضلة والأديبة حجاوي لعبت دوراً ريادياً في حركة الكفاح والنضال الوطني الفلسطيني، سواء على صعيد دورها السياسي في منظمة التحرير الفلسطينية، أو لدورها التربوي من خلال عملها لفترة في حقل التعليم والتعليم العالي، ودورها الإبداعي من خلال تجربتها الشعرية والكتابة الإبداعية والترجمة، حيث ساهمت من خلال هذه الأدوار بتكريس وتحقيق حضور قضيتنا الفلسطينية على مختلف الصعد." كما نعاها الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين، وورد في البيان الصادر عن أمانته العامة: "إن ترجل المناضلة والشاعرة والمترجمة سلافة حجاوي إلى دار الخلود موجع بقدر ما قدمت للوطن السليب، وما عاشت من أجله مناضلة، ومبدعة عريقة، كرست حياتها من أجل أهدافها الوطنية السامية، وعاشت الآم شعبها على مدد وامتداد عمرها"، وأضاف أن الفقيدة "كانت من الكتيبة الأولى التي أسست الاتحاد العام للكتّاب والصحفيين الفلسطينيين، ومارست مهامها بكل تفانٍ واقتدار."
سلافة حجاوي شاعرة وباحثة ومناضلة اختتمت تجربة إبداعية ونضالية طويلة، شملت الكتابة الشعرية والترجمة والنشاط السياسي، وساهمت في تكريس حضور القضية الفلسطينية على الصعدين العربي والعالمي.
في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، كُرّمت حجاوي في متحف ياسر عرفات بمدينة رام الله، بمراسم تأبين لمناسبة مرور 40 يوماً على رحيلها، بتنظيم من دائرة التخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير، ووزارة الثقافة، ووزارة الإعلام، وتلفزيون فلسطين، والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين. كما جرى عرض فيلم قصير عن حياتها، تناول قصائدها وكتاباتها وترجماتها، وتحدث فيه أصدقاء وزملاء عمل وأقارب عن حياتها، مستعيدين ذكرياتهم معها، ومشيدين بمناقبها ورؤيتها وأهدافها وأفكارها ونضالها.
من آثارها:
مجموعات شعرية:
"أغنيات فلسطينية". بغداد: وزارة الثقافة العراقية، 1977.
"سفن الرحيل". رام الله: وزارة الثقافة الفلسطينية، 1998.
"حلم، شعر للأطفال": رام الله، مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، 2008.
دراسات:
"اليهود السوفييت – دراسة في الواقع الاجتماعي". بغداد: جامعة بغداد، 1980.
"النفط والجيوستراتيجيا المعاصرة". غزة: مركز التخطيط الفلسطيني، 1998.
"تجربة جنوب أفريقيا". غزة: مركز التخطيط الفلسطيني، 1999.
"في التاريخ السياسي لفلسطين". غزة، [المؤلف]، 2000.
ترجمات:
"لوركا قيثارة غرناطة" (مع كاظم جواد). بغداد: شركة بغداد للطباعة والنشر والتوزيع، 1957.
ديفيد سنكلير. "إدكار آلن بو، حياته وأعماله". بغداد، 1982.
س. م. بورا. "التجربة الخلاقة". بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، \الطبعة الثانية، 1986.
بول هيرنادي. "ما هو النقد؟". بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، 1998.
غابرييل بيتربيرغ. "المفاهيم الصهيونية للعودة- أساطير وسياسات ودراسات إسرائيلية ". رام الله: المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية-مدار، 2009.
Poetry of Resistance in Occupied Palestine. [Arabic to English] Baghdad: Ministry of Culture, 1968.
المصادر:
حافظ، عزام، "سلافة حجاوي...تحدثت بصوت الوطن ورحلت بصمت"، "فلسطين أونلاين"، 22 أيلول/ سبتمبر 2021.
https://felesteen.news/post/94467/سلافة-الحجاوي-تحدثت-بصوت-الوطن-ورحلت-بصمت
دياب، امتياز، "هل تعرفون سلافة الحجاوي؟"، "السفير العربي"، 25 كانون الثاني/ يناير 2018.
https://assafirarabi.com/ar/19003/2018/01/25/هل-تعرفون-سلافة-الحجاوي؟
ديكان واصف، سارة، "سلافة حجاوي"، "معجم الكُتّاب الفلسطينيين"، باريس، معهد العالم العربي، 1999، ص 74-75.
"رحيل الشاعرة والمترجمة الفلسطينية سلافة حجاوي". "الميادين نت"، 14 أيلول/ سبتمبر 2021.
https://www.almayadeen.net/culture/رحيل-الشاعرة-والمترجمة-الفلسطينية-سلافة-حجاوي
علي، ياسر، "سلافة حجاوي...حملت اسم فلسطين في كل منافيها." "عربي 21"، 22 كانون الأول/ ديسمبر 2022.
https://arabi21.com/story/1480138/الشاعرة-سلافة-حجاوي-حملت-اسم-فلسطين-في-كل-منافيها.
كريزم، محمد، "الأديبة الشاعرة الفلسطينية سلافة حجاوي: زمن أمراء الشعر إنتهى ... الشعر المسرحي ضعيف لغياب المسرح نفسه". "الحوار المتمدن"، 10 أيار/ مايو 2007.
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=96261
وفاة الشاعرة سلافة حجاوي: حكاية قلم عاش ’صاخباً’ ورحل ’بصمت’"، شبكة نوى، 14 أيلول/ سبتمبر 2021.
https://www.nawa.ps/ar/post/4692