عارف الدجاني
والده: بكر. ابنه: رأفت. ابنته: محسنة.
تختلف المصادر في تحديد تاريخ ولادة عارف الدجاني في مدينة القدس، إذ يذكر بعضها أنه ولد في سنة 1856 بينما يشير بعضها الآخر إلى أنه ولد في سنة 1860، لعائلة مقدسية عريقة، عُرفت في العهد العثماني باسم الداودي لقيامها بخدمة مقام النبي داود وزواره وتولي أوقافه.
تلقى عارف الدجاني تعليمه الديني على يدي والده الشيخ بكر الذي كان أحد علماء القدس، ثم درس في مدارس القدس وأتقن اللغتين العربية والتركية.
في الثالثة والعشرين من عمره، توجّه إلى إستانبول، حيث درس الحقوق واللغة الفرنسية، ثم التحق بعد تخرجه، بسلك الوظائف الحكومية، وترقى فيها حتى عُيّن متصرفاً لمتصرفية دير الزور، كما شغل مناصب رفيعة في ولايتَي ديار بكر واليمن، ومنحته السلطنة العثمانية لقب الباشوية تقديراً لخدماته.
بعد الاحتلال البريطاني لفلسطين، اتخذ عارف الدجاني موقفاً مهادناً من الحكم الجديد، وتعاون مع المسؤولين البريطانيين، فكان من ضمن الوجهاء الفلسطينيين الذين دعوا إلى المأدبة التي أقامها المستر رونالد ستورس (Ronald Storrs) حاكم القدس العسكري، في 27 نيسان/ أبريل 1918، على شرف اللجنة الصهيونية التي وصلت إلى فلسطين في الرابع من ذلك الشهر برئاسة حاييم وايزمن، والتي اعترف بها البريطانيون رسمياً بصفتها "هيئة استشارية للسلطات البريطانية في فلسطين في الشؤون كافة المتعلقة باليهود أو التي يمكن أن تؤثر في إقامة وطن قومي للشعب اليهودي."
شارك عارف الدجاني، في سنة 1918، في إنشاء الجمعيات الإسلامية المسيحية، التي تشكّلت، وفقاً لقانون الجمعيات العثماني الذي ظل ساري المفعول، بعد أن علم أهل فلسطين بتصريح بلفور، وانتخب نائباً لرئيس اللجنة الإدارية للجمعية الإسلامية المسيحية في القدس والقرى التابعة لها، التي كانت مع نظيرتها في يافا من أكثر هذه الجمعيات نشاطاً. ثم أصبح رئيساً لجمعية القدس بعد أن ترك موسى كاظم الحسيني رئاستها.
ترأس عارف الدجاني، ممثلاً عن الجمعية الإسلامية المسيحية في القدس، المؤتمر العربي الفلسطيني الأول، الذي عُقد في مدينة القدس ما بين 27 كانون الثاني/ يناير و9 شباط/ فبراير 1919، والذي أرسل، في اليوم الأول لانعقاده، برقية عاجلة إلى مؤتمر السلم في باريس، عبّر المؤتمرون فيها عن "احتجاجهم الشديد على ما سمعوه من جعل بلادهم وطناً قومياً لليهود، ومنحهم حق الهجرة والاستعمار." وبعد نقاشات استمرت أياماً عديدة، أصدر المؤتمرون مذكرتين إلى مؤتمر السلم، تضمنت الأولى رفضاً لتصريح بلفور، وأكدت الثانية على ارتباط فلسطين بسورية العربية. وقد منعت السلطات البريطانية المؤتمر من طباعة قراراته ونشرها على الشعب.
شارك عارف الدجاني في التحضير لعقد المؤتمر العربي الفلسطيني الثالث، الذي التأم في مدينة حيفا بين 13 و19 كانون الأول/ ديسمبر 1920، والذي رفع مذكرة إلى المندوب السامي البريطاني طالب فيها بريطانيا بـ "تأليف حكومة وطنية مسؤولة أمام مجلس نيابي ينتخب أعضاءه الشعب المتكلم بالعربية القاطن في فلسطين حتى أول الحرب." وقد انتخب المؤتمر في ختام أعماله لجنة تنفيذية، عُرفت بـ "اللجنة التنفيذية" لهذا المؤتمر ولجميع المؤتمرات التالية حتى السابع ومقرها القدس، وأسندت رئاستها لموسى كاظم الحسيني ونيابة الرئاسة لعارف الدجاني.
عقب اندلاع الصدامات في مدينة يافا بين العرب واليهود، في الأول من أيار/ مايو 1921، عيّن المندوب السامي البريطاني هربرت صامويل، في السابع من ذلك الشهر، لجنة للتحقيق في تلك الصدامات برئاسة توماس هيكرافت (Thomas Haycraft) الذي كان قاضي قضاة فلسطين، وعلى أن يكون له ثلاثة مساعدين من سكان فلسطين كان عارف الدجاني واحداً منهم. وقد بدأت هذه اللجنة تحقيقها في 12 أيار وأصدرت تقريرها النهائي في 10 آب/ أغسطس 1921، الذي كان، إلى حد كبير، منصفاً للعرب.
كان من المفترض أن يشارك عارف الدجاني في أعمال المؤتمر العربي الفلسطيني الرابع، الذي عقد في مدينة القدس بين 29 أيار/مايو و4 حزيران/ يونيو 1921، لكن انشغاله بمساعدة لجنة هيكرافت للتحقيق حال دون ذلك.
أوكلت المنظمة الصهيونية، في سعيها إلى إضعاف الحركة الوطنية العربية الفلسطينية وزرع الفتنة في صفوفها، إلى فريدريك كيش (Frederick Kisch)، رئيس الشعبة السياسية في المنظمة الصهيونية (كان سابقاً ضابطاً اًفي الجيش البريطاني)، مهمة تأليف حزب شعبي في فلسطين يقوم على أسس وأهداف اقتصادية من أجل التمويه، على أن يكون الزعماء المساندون له ثلاثة من المعارضين لـ "المجلسيين"، وهم أسعد الشقيري، وراغب النشاشيبي وعارف الدجاني. وفي 8 تشرين الثاني/ نوفمبر 1923، عقد في مدينة القدس الاجتماع الأول للحزب، الذي حمل اسم "الحزب الوطني العربي"، وحضره 120 عضواً كان عارف الدجاني من أبرزهم. بيد أن السياسة العلنية لهذا الحزب الجديد بنيت على الأسس العامة نفسها للحركة الوطنية، إذ طالب بتأليف حكومة وطنية على قاعدة مجلس نيابي منتخب، وعدم الاعتراف بتصريح بلفور واعتبار فلسطين جزءاً من البلاد العربية وحتمية بقائها عربية خالصة. إزاء اعتماد الحزب الجديد هذه المبادئ، قرر الدجاني الانسحاب من المؤتمر قبيل انتهاء أعماله، إذ كان قد أخذ على عاتقه منذ البداية أن يعمل على تطوير الحزب كي يصبح آلة للتعاون مع الحكومة وللتعاون الاقتصادي مع الحركة الصهيونية.
في 17 شباط/ فبراير 1926، شارك عارف الدجاني في الاجتماع الذي عقده معارضو "المجلسيين" في فندق أللنبي في مدينة القدس، وانتخب مع راغب النشاسيبي بصفتهما ممثلين عن القدس في الهيئة التنفيذية التي انبثقت من ذلك الاجتماع.
في أواخر سنة 1926، تمكن موسى كاظم الحسيني من إقناع عارف الدجاني، الذي كانت تربطه به علاقات صداقة، بخوض انتخابات رئاسة بلدية القدس، التي كان من المقرر أن تجري في العام التالي، في مواجهة راغب النشاشيبي، بحيث يبتعد بذلك عن صفوف المعارضة. بيد أن عارف الدجاني لم يفز في تلك الانتخابات.
كان عارف الدجاني ضمن المندوبين إلى المؤتمر العربي الفلسطيني السابع، الذي عُقد في القدس بين 20 و27 حزيران/ يونيو 1928، وكان عدد المعارضين فيه يعادل عدد "المجلسيين". وقد جدد ذلك المؤتمر، الذي كان خاتمة المؤتمرات الوطنية السبعة، المطالبة بتشكيل حكومة برلمانية، لكن من دون أن يرفض تصريح بلفور صراحة ببند خاص.
في حزيران/ يونيو 1929، شارك عارف الدجاني، مع محمد أمين الحسيني، ومحمد علي التميمي، وراغب أبو السعود، وعوني عبد الهادي، ومعين الماضي وراغب الإمام، في وضع "قانون انتخاب المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى"، و "نظام المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى"، لكن سلطات الانتداب البريطاني منعت إجراء الانتخابات للمجلس ولجأت إلى مبدأ التعيين.
في الأسبوع الأخير من شهر آب/ أغسطس 1929، شهدت فلسطين، في إطار ما عُرف باسم "هبة البراق"، صدامات دامية بين العرب واليهود، تدخل خلالها البوليس البريطاني بعنف، وخصوصاً ضد المتظاهرين العرب. وفي الرابع والعشرين من ذلك الشهر، شارك عارف الدجاني، مع ستة آخرين من زعماء العائلات المقدسية، في إصدار بيان يدعو العرب الفلسطينيين إلى التهدئة، وورد فيه: "نطلب منكم أيها العرب، باسم مصلحة البلاد التي تهمكم قبل كل اعتبار، أن تعملوا جميعاً بإخلاص لحسم الفتنة وحقن الدماء وصيانة الأرواح... ولما راجعنا الحكومة مستعلمين عن صحة هذه الإشاعات [حول تسليم الحكومة لليهود] أكدت لنا وتحققنا بأن لا صحة مطلقاً لذلك، وأنها لم تقلد سلاحاً لأحد من اليهود، وأنها لا تتحيز مطلقاً لفريق دون آخر، بل تحافظ على الأمن وتقوم بواجبها كحكومة حيادية قبل كل شيء، فلا تطلق النار على العرب دون غيرهم ولكنها تحمي الأرواح وتحافظ على النفوس بدون تحيز، وقد تحققنا أنها كررت تلك الأوامر على الجنود."
في 13 نيسان/ أبريل 1930، توفي عارف الدجاني في بيته في مدينة القدس، ودُفن في اليوم التالي في مقبرة العائلة في جبل النبي داود (أو جبل صهيون) ورثاه عمر الصالح البرغوثي باسم اللجنة التنفيذية للمؤتمر العربي الفلسطيني.
المصادر:
الحوت، بيان نويهض. "القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917- 1948". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1981.
"محمد عزة دروزة (1305-1404 ه/1887-1984 م): سيرة ذاتية مقتطفة من مذكراته". تحرير وتقديم وليد الخالدي. الجزء الأول. مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمكتبة الخالدية، 2023.
مناع، عادل. "أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني 1800- 1918". ط 2. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1995.
"الموسوعة الفلسطينية: القسم العام". المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية 1984.
Abdul Hadi, Mahdi, ed. Palestinian Personalities: A Biographic Dictionary. 2nd ed., revised and updated. Jerusalem: Passia Publication, 2006.