ابتداءً من أربعينيات القرن العشرين، التزمت
سياسة المكسيك تجاه فلسطين خلال الحكم الاستبدادي (1948-2000)
وجهت أفكار
النأي بالنفس
في فترة ما بين الحربين العالميتين وحتى سنة 1945، نأت المكسيك بنفسها عن القضية الفلسطينية وأحداثها المتصاعدة. في ذلك الوقت، وفي سياق التوترات الخطرة مع بريطانيا العظمى
بشأن النفط، مارست الجالية اليهودية المكسيكية ضغوطاً على الحكومة اليسارية بقيادة الرئيس
في سنة 1949، صوتت المكسيك لصالح انضمام إسرائيل إلى الأمم المتحدة
. وادعت حينها أن إسرائيل في حاجة إلى أن تكون عضواً في المحفل الأممي إذا كان من المتوقع منها أن تحترم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بتدويل القدس
، وترسيم الحدود كما أشار القرار الأصلي، وضمان سلامة اللاجئين العرب، من بين قضايا أُخرى. وحافظت المكسيك على هذا الموقف على الرغم من تجاهل إسرائيل قرارات الأمم المتحدة في كثير من الأحيان. وفي سنة 1952، أقامت المكسيك علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، وعيّنت، في سنة 1956 في أثناء
وخلال حرب عام 1967 ، دعت المكسيك إلى السلام بين العرب وإسرائيل، لكنها ظلت محايدة في تصريحاتها الرسمية. وخلال حرب عام 1973 ، زوّدت المكسيك الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، والتي تضررت من الحظر النفطي العربي، بالنفط وهو ما خفف من أزمتها الاقتصادية الوطنية.
مبادرات حذرة تجاه منظمة التحرير الفلسطينية
بهدف تعزيز شرعية النظام السياسي الذي تلقى ضربة قاتلة بعد مذبحة الطلاب في
في تشرين الثاني 1975، صوتت المكسيك لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي وصف
ومنذ منتصف الثمانينيات، عادت المكسيك إلى حيادها الرسمي السابق. وأدت السياسة الاقتصادية الكارثية للرئيس
الليبرالية الجديدة والأجندة الثنائية بين الولايات المتحدة والمكسيك
خلال رئاسة
سياسة المكسيك تجاه إسرائيل وفلسطين (2000-2019)
وضع انتصار
مع الرئيس
وفي وقت لاحق، امتنعت المكسيك عن التصويت على القرار الذي أقر نتائج تقرير غولدستون
بشأن انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، على أساس أن مثل هذا التصويت قد يحد من إجراءات المتابعة استناداً إلى هذا التقرير. وفي سنة 2011، امتنعت المكسيك عن الموافقة على عضوية فلسطين في منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة
(اليونسكو) ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
على أساس أن مثل هذه الخطوات قد تحد من زخم مبادرات أُخرى لحل النزاع، مثال المفاوضات التي تجريها
عاد الحزب الثوري المؤسساتي إلى السلطة بين سنتي 2013 و2018، بقيادة
سياسة المكسيك في ظل حكومة يسارية (2019-2024)
في كانون الثاني/ يناير 2019، فازت
عندما شنت إسرائيل حرب الإبادة الجماعية على غزة في تشرين الأول 2023، دعا الرئيس المكسيكي إلى احترام القانون الدولي. وبمرور الوقت، دفعت شدة الهجوم الإسرائيلي المكسيك، إلى جانب
ويبدو أن تأثير الأيديولوجيا اليسارية بصفته عاملاً يفسر هذه الإجراءات أقل أهمية بكثير من العناصر التي تشكل السياق الذي اتخذت فيه. ففي العديد من دول
وبعيداً عن هذه التوترات العابرة، كانت العلاقات بين المكسيك وإسرائيل قوية في مجالات متعددة. فقد استثمرت إسرائيل بشكل كبير في قطاعات التكنولوجيا الزراعية والأدوية والطاقة المتجددة والقطاعات العسكرية والاستخباراتية في المكسيك. وخفتت مؤخراً مواقف المكسيك من الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة، إذ صارت المكسيك تتجنب، في تصريحات التنديد والبيانات المكسيكية، الإشارة إلى إسرائيل، ولم تستدعِ سفيرها في تل أبيب.
وباختصار، ظل مبدأ الحفاظ على "مسافة متساوية" الذي وجّه مواقف المكسيك رسمياً فيما يتصل بفلسطين سارياً في ظل حكومة حركة التجديد الوطني اليسارية (مورينا). ويمكن تفسير التمسك بالحياد بالعوامل البنيوية نفسها التي أثرت في الحكومات السابقة: العلاقة مع الولايات المتحدة والتأثير الذي يتمتع به رجال الأعمال اليهود المكسيكيون والأمريكيون في سياسة المكسيك تجاه القضية الفلسطينية. ويستمر هذا التأثير ويزداد خلال الأزمات أو الحروب التي تتورط فيها إسرائيل، فضلاً عن التوترات الشديدة بين المكسيك والولايات المتحدة كخلفية لذلك.
التأثير العربي واليهودي المكسيكي في سياسة المكسيك
منذ منتصف الثمانينيات، أدى عاملان إلى تقليص استقلال المكسيك وكبحها عن اتخاذ مواقف قوية وواضحة من القضية الفلسطينية: الاعتماد الاقتصادي على الولايات المتحدة ودور كل من الجاليتين العربية واليهودية في المكسيك.
بدأ اللبنانيون والسوريون والفلسطينيون في الهجرة إلى المكسيك في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر، حيث عملوا في التجارة والنشاطات ذات الصلة. وفي حين تركزت هجرة اليهود في مدينة
يبلغ عدد السكان اليهود في المكسيك نحو 65.000، وعلى الرغم من أنهم لا يتحدثون بصوت واحد، فإن أولئك الذين يؤيدون إسرائيل بقوة توحدهم الإيديولوجيا الصهيونية، وتزيد علاقاتهم العابرة للحدود الوطنية من فرصهم في أن يكونوا مؤثرين وفعالين. على سبيل المثال، غالباً ما يجتمع وفد من قادة
وسائل الإعلام المكسيكية والمجتمع المدني المكسيكي
إن غياب ثقل موازن فعال في مقابل النظام الرئاسي وشخصنة السياسة الخارجية يعني أن الكونغرس المكسيكي
يتبع بشكل عام توجهات الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعبئة الرأي العام بشأن قضايا السياسة الخارجية شبه معدومة. وتعتمد الصحف المكسيكية بشكل كبير على التغطية التي تقوم بها وكالات الأنباء الغربية ووسائل الإعلام الدولية الكبرى المنحازة إلى إسرائيل. أمّا النقاش في ملفات السياسية الخارجية في المكسيك، فيهيمن عليه عدد قليل من الشخصيات ـ قادة الرأي، والمثقفون العضويون الذين يظهرون فجأة كمحللين رئيسيين داخل مجموعة عرقية دينية أو طبقة اجتماعية اقتصادية. وتتحدث أغلب المنابر الصحافية وتقارير الأخبار التلفزيونية عن أفعال إسرائيل بصفتها "رداً" على الهجمات الفلسطينية؛ ويتم التخفيف من المسؤولية الإسرائيلية في السردية الإعلامية من خلال الإشارة إلى وجود "أقليات متطرفة لدى الجانبين". وتعتمد الصحافة على تبسيط الحقائق أو تحريفها: فعلى سبيل المثال، يُقال إن "القرارات السيئة" التي اتخذها الفلسطينيون قادت إلى مسار عدم الاستقرار الذي يعيشونه الآن. ويُشار إلى الجيش الإسرائيلي باسم "قوات الدفاع الإسرائيلية"؛ ويتم تقديم إسرائيل بصفتها دولة ديمقراطية تعددية وعلمانية تحمي نفسها بشكل مشروع حيال الدول الاستبدادية والجهات الفاعلة غير الحكومية؛ ويُلقى اللوم على حركة "
لكن، هناك ثقل موازن ناشئ يمثله المجتمع المدني. ففي سياق الحرب والإبادة الجماعية الأخيرة، عبَّر المجتمع الأكاديمي المكسيكي عن قدر أكبر من الحزم عما سبق. فقد أطلق مبادرات متعددة بالاشتراك مع أكاديميين من مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية، مطالبين بمقاطعة أكاديمية نشطة للجامعات الإسرائيلية. وطالبت منظمة "
الخلاصة
أدانت المكسيك بشكل روتيني انتهاك إسرائيل للقانون الدولي على مدى خمسة وسبعين عاماً. لكن عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرارات حاسمة بشأن هذه القضية، فإنها تلجأ إلى الحياد، وهو ما يعتبره المسؤولون المكسيكيون جزءاً مما يمكن أن يُطلق عليه "الدبلوماسية الإيجابية". ويرتبط هذا التقليد الدبلوماسي بالانشغال بالقضايا والأزمات المحلية ومصالح المكسيك ودورها والتي تشكل الولايات المتحدة نقطة مرجعية لا مفر منها وحاسمة فيها. وعلى المستوى المجتمعي، هناك وعي أكبر وتعددي على نحو متزايد تجاه القضية الفلسطينية يمكن أن يفضي إلى مناقشات مثمرة بين الأكاديميين والشبكات المهنية ومنظمات المجتمع المدني.
Alfaro-Velcamp, Theresa. So Far from Allah, So Close to Mexico: Middle Eastern Immigrants in Modern Mexico. Austin, University of Texas Press, 2007.
Galindo, Alejandra. “La política exterior de México hacia el Medio Oriente: el dilema entre el compromiso y la realidad.” Araucaria. Revista Iberoamericana de Filosofía, Política y Humanidades 14, no. 28 (2012): 91–110.
Magaña Duplancher, Arturo. “México ante el conflicto árabe–israelí: 1932–1976.” BA thesis, Centro de Estudios Internacionales, El Colegio de México, 2006.
Magaña Duplancher, Arturo. “Presiones y decisiones en política exterior: dos momentos de México ante el conflicto árabe–israelí.” Relaciones Internacionales, no. 17 (2011): 123–52. http://www.relacionesinternacionales.info/ojs/article/view/292.html
Martínez Assad, Carlos. “Los judíos de México y las percepciones sobre la creación del Estado de Israel.” Historias 95 (2016): 77–96.
Musalem Rahal, Doris. “La migración palestina a México.” In María Elena Ota Mishima, ed., Destino México: un estudio de las migraciones asiáticas a México, siglos XIX y XX, 305–54. México: El Colegio de México, 1997.
Tawil-Kuri, Marta. “Mexico’s Foreign Policy towards the Middle East: Individual Preferences and Bureaucratic Politics in a Changing International Environment.” In Marta Tawil-Kuri and Élodie Brun, eds., Latin American Relations with the Middle East: Foreign Policy in Times of Crisis, 161–85. New York: Routledge, 2022.
Tawil-Kuri, Marta. “Mexico’s Policy Toward the Middle East: From Equidistance to Distance.” In Marta Tawil-Kuri, ed., Latin American Foreign Policies Towards the Middle East. Actors, Contexts, and Trends, 251–75. New York: Palgrave MacMillan, 2016.
Zeraoui, Zidane. “Los árabes en México: el perfil de la migración.” In María Elena OtaMishima, eds., Destino México: un estudio de las migraciones asiáticas a México, siglos XIX y XX, 257–303. México: El Colegio de México, 1997.
محتوى ذو صلة
دبلوماسي مؤسساتي
قرار ج.ع. 3237 (XXIX): منح منظمة التحرير الفلسطينيّة صفة مراقب في الجمعية العامة
1974
22 تشرين الثاني 1974
دبلوماسي
قرار ج.ع. 3379 (XXX): الإقرار بأن الصهيونيّة شكل من أشكال العنصريّة والتمييز العنصري
1975
10 تشرين الثاني 1975
مؤسساتي دبلوماسي
قرار ج.ع. 67/19: منح فلسطين مركز دولة غير عضو لها صفة مراقب في الأمم المتحدة
2012
29 تشرين الثاني 2012