إضاءة على –

الموسيقى الفلسطينية في المنفى

إضاءة على –
الموسيقى الفلسطينية في المنفى
تراث ومقاومة

عرض جدول الأحداث

أحمد الخطيب

30 آذار 2019
Source: 
AKDN (Courtesy of Louis Brehony)
Author(s): 
Bruno Colaço

على مدى أكثر من قرن، تأثرت موسيقى فلسطين بتجربة المنفى وانطبعت بها. فقد نشأت في إثر النزوح الجماعي الذي تسببت به نكبة سنة 1948 والمواجهات والحروب اللاحقة مع الاستعمار الصهيوني، في مواقع الشتات الفلسطيني تيارات موسيقية مميزة، وأشكال من التعبير الموسيقي تعكس المكونات السياسية والثقافية للهوية الفلسطينية. وفي حين أن العديد من الأشكال والأنواع والتقاليد والرسائل المتنوعة يتم توارثه من خلال الموسيقى التي عرفتها فلسطين المحتلة، فإن الفنانين المنفيين يواصلون من أرضهم إثراء الموسيقى الفلسطينية بفضل مساهماتهم المتميزة.

الموسيقى الإقليمية قبل سنة 1948

بحلول مطلع القرن العشرين، كانت الموسيقى الفلسطينية مكوناَ أساسياً من مكوّنات الهوية الثقافية للعديد من المجتمعات والطوائف التي عاشت تحت الحكم العثماني. ولأنها وفرت ولفترة طويلة أماكن للتبادل الثقافي الإقليمي والدولي، كانت مدن فلسطين ومن بينها القدس على وجه الخصوص تعج بالأرمن واليونانيين والروس وغيرهم من المجموعات القومية.

كانت التقاليد الريفية الفلسطينية في الغناء والموسيقى هي السائدة، لكن التقنيات الجديدة والتواصل والتبادلات على المستويين العربي والإقليمي مكَّنت الموسيقيين الموجودين في المراكز الحضرية من استقطاب جمهور واسع ذواق للموسيقى المتأثرة بالألوان الموسيقية التي نشأت في القاهرة وغيرها من العواصم الكبرى. عندما جاء محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان وغيرهم من نجوم المنطقة لتقديم عروضهم في فلسطين في عشرينيات القرن العشرين وثلاثينياته، كان الفنانون الفلسطينيون يسجلون أعمالهم الموسيقية ويصدرونها بعلامات تجارية إقليمية، ويسافرون إلى الدول المجاورة لتسجيلها. ومن بين هؤلاء رجب الأكحل ونمر ناصر وثريا قدورة الذين ظهرت موسيقاهم في فهارس وكتيبات شركة بيدافون اللبنانية في منتصف عشرينيات القرن العشرين، ونوح إبراهيم الذي سجَّل مع شركة سودوا السورية ولحَّن أغاني المقاومة ضد المستعمرين البريطانيين قبل أن يغتالوه سنة 1938.

النكبة: الموسيقى في الشتات

في السنوات التي أعقبت التهجير الجماعي، استمرت الموسيقى والأغاني التقليدية المرتبطة بالأعراس والمناسبات الاجتماعية الأُخرى في المخيمات والمدن التي لجأ إليها الفلسطينيون في المنفى، في حين انتقلت أناشيد المقاومة وتلك المعبرة عن الهوية الوطنية إلى الأجيال الجديدة. وخلال النكبة، خبا صوت العديد من الموسيقيين الفلسطينيين البارزين، بينما اكتسب آخرون شهرة في المدن الرئيسية في المنطقة.

قبل النكبة، كان الفنان روحي الخماش، المولود في نابلس، يؤدي ويلحّن ويقود فرقاً كورالية وموسيقية في هيئة الإذاعة الفلسطينية، ويجول في المنطقة حيث اشتُهر كعازف بارع على العود. ثم استقر في العراق وصار من الشخصيات المرموقة في المشهد الموسيقي العراقي. حصل الخماش على الجنسية العراقية، ودرَّس في المعاهد الموسيقية في بغداد، وعمل في الإذاعة والتلفزيون العراقيين، وقاد العديد من الفرق الموسيقية بما في ذلك فرقة "خماسي الفنون الجميلة" التي دمجت العديد من الأساليب الفنية الإقليمية. توفي سنة 1998 خلال فترة العقوبات الغربية على العراق.

ولد سلفادور عرنيطة في القدس سنة 1914 وتدرب على العزف على البيانو والأرغن قبل أن يطور أسلوبه التلحيني باستخدام تأثيرات الموسيقى الكلاسيكية الغربية. وعلى غرار الخماش، قام بتأليف أعمال لهيئة الإذاعة الفلسطينية. وعبَّرت أعماله المبكرة عن توجهات سياسية، وخلال فترة ما بعد النكبة في لبنان، تراوحت مؤلفات عرنيطة من أغاني الأطفال إلى الكانتاتا الدرامية "بطاقة هوية" المستندة إلى قصيدة محمود درويش "سجِّل أنا عربي". كما تأثرت أعماله بالأبحاث التي أجرتها زوجته عالمة الموسيقى الشهيرة يسرى جوهرية عرنيطة في مجال الموسيقى الفولكلورية. وبوصوله إلى لبنان في سنة 1950، لمع اسم المغني حليم الرومي، الذي تضمنت أعماله في أعقاب النكبة، غناء القصيدة الوطنية "إرادة الحياة" للشاعر التونسي أبو القاسم الشابي.

انتقل صبري الشريف إلى بيروت عبر قبرص، واشتُهر في مجال البث الموسيقي وسعة ثقافته الموسيقية. قبل النكبة، كان مديراً موسيقياً لهيئة إذاعة الشرق الأدنى، ومقرها في يافا، ثم القدس، ودرس المسرح الموسيقي في لندن. أشرف الشريف على عملية جمع الألحان الشعبية الفولكلورية وتنسيقها، وكان يرى أن مهمته تقوم على إثراء الأشكال الموسيقية الفولكلورية الأصيلة من خلال استخدام التناغم والتوزيع الأوركسترالي. وفي لبنان، تأثر بنهجه إلى حد كبير الأخوان رحباني. وفي العقود التي تلت ذلك، أنتج الشريف وأخرج أكثر من خمسة عشر ألبوماً وعرضاً حياً لفيروز، بما في ذلك "أندلسيات" و"أيام فخر الدين"، إلى جانب مغناة "راجعون" وألبوم "القدس في البال" وهي أغاني تعكس مشاعر الحنين للوطن والعودة إلى فلسطين، في سنتي 1957 و1967 على التوالي.

بين سنة 1967 وأوائل التسعينيات

شهدت التعبيرات الموسيقية والسياسية عن المنفى الفلسطيني ثورة مع نهوض حركة التحرير الوطني، وخصوصاً بعد هزيمة سنة 1967 (النكسة). وجد المغنون والموسيقيون المرتبطون مباشرة بفصائل المقاومة الفلسطينية فرصاً للأداء داخل دول اللجوء، وفي دول الكتلة الاشتراكية التي وفرّت لهم الدعم. واستناداً إلى الترجمات الإنكليزية لقصائد معين بسيسو ومحمود درويش وغيرهما، أصدرت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان سنة 1972 ألبوماً بعنوان "نداء فلسطين العاجل" على اسم أغنية كتبتها ولحنتها الفلسطينية المصرية المولد زينب شعث، قبل أن تقوم بجولة في جمهورية ألمانيا الديمقراطية والاتحاد السوفييتي. وفي سنة 1980، سجلت "فرقة الرقص والغناء" التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية ألبوم "أغاني وأناشيد الثورة الفلسطينية" في جمهورية ألمانيا الديمقراطية.

سجلت فرقة “العاشقين" في سوريا أشرطة كاسيت لقيت شهرة في مختلف أنحاء المنطقة. وقد أسس الفرقة سنة 1977 المؤلف الموسيقي الفلكلوري والملحن والموزع حسين نازك وضمت مجموعة من الموسيقيين والراقصين من الذكور والإناث الذين ارتدوا بدلة الفدائي الفلسطيني وغنوا من أجل تحرير فلسطين. ساهمت الفرقة أيضاً في نشر الأناشيد الوطنية التاريخية، مثل أغنية "من سجن عكا" التي ألفها نوح إبراهيم في ثلاثينيات القرن العشرين، وغنتها على خشبات المسارح وشاشات التلفزيون وساهمت في إعادة تسجيلها عدة مرات وفي انتشارها على نطاق واسع. وألف حسين نازك موسيقى قصيدة "يما مويل الهوى" التراثية بلحن يرتبط اليوم ارتباطاً وثيقاً بالقصيدة. ومن بين الفرق الأُخرى والفنانين الفلسطينيين الآخرين الذين قدموا عروضاً في بلاد الشام خلال تلك الفترة "فرقة أبو عرب" وفرقتان حملتا اسم "بلدنا" في لبنان والأردن حيث استقطبت "الفرقة المركزية" التي أسسها ناشطون داعمون لمنظمة التحرير الفلسطينية المغنين من أوساط اللاجئين. وعبّرت الأغاني الملتزمة لهذه الفرق وفنانيها وألحانها عن التمسك بالتحرير وبحق العودة. وهو ما أكده المؤلف تحرير حمدي بقوله إن غناء أبو عرب باللهجة الفلسطينية الريفية مكنه من اكتساب شعبية لا تخبو على مر الأجيال في مخيمات اللاجئين داخل فلسطين المحتلة وخارجها. وجسدت الأمل في تلك الفترة أغنية "هدِّي يا بحر" التي أنشدتها أجيال من المؤدين وما زالت تنشدها بعده:

يا توتة الدار صبرك على الزمان ان جار

لا بد ما نعود مهما طول المشوار

وسجل آخرون، ومنهم جورج طوطري وهو من مواليد الناصرة والمقدسيان مصطفى الكرد وجورج قرمز، ألبومات موسيقية وأدوا أغانيهم وأناشيدهم في أوروبا وأميركا الشمالية، بعد أن اضطروا إلى مغادرة وطنهم جراء قمع الاحتلال. وبعد مغادرة فلسطين في أعقاب نكسة سنة 1967، شكل طوطري فرقة "كوفية" في غوتنبرج بالسويد، وعمل مع موسيقيين ملتزمين وأدى أناشيد للمقاومة ثنائية اللغة مثل "تحيا فلسطين" و"جنوب لبنان". سجلت الفرقة أربعة ألبومات بين سنتي 1976 و1988، وعادت إلى المسرح في سنة 2016 لإحياء سلسلة من الحفلات التضامنية وسجلت أناشيد جديدة. وعلى الرغم من محاولة الحكومة السويدية في أيار/ مايو 2021 حظر ترديد أغنية "تحيا فلسطين" خلال الاحتجاجات الشعبية لأنها تدعو إلى "سحق الصهيونية"، فإن شعبيتها تجددت ضمن حركة  التعبئة العالمية نصرة لفلسطين بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

بعد أن شارك جورج قرمز كعازف غيتار في فرقة "البراعم" في أوائل السبعينيات، حظي بشهرته كفنان منفرد في ميشيغين بالولايات المتحدة، حيث سجل وأصدر سلسلة من الألبومات التي أنتجها بنفسه، بما في ذلك أول ألبوم له بعنوان "أنا اسمي شعب فلسطين" في سنة 1981. دمج قرمز التأثيرات العربية والغربية وعمل مع الموسيقيين المحليين وقدم عروضه لجمهور الولايات المتحدة وفي الفعاليات المخصصة للنضال الفلسطيني حتى أواخر الثمانينيات. وانتقل تأثير قرمز إلى فلسطين حيث تم تداول شرائطه على نطاق واسع. وقد قدمت جوقة نساء دار الطفل العربي أغنية "أنا اسمي شعب فلسطين" في مؤتمر القدس الدولي للثقافة الشعبية الفلسطينية سنة 1987.

وساهم الموسيقيون في دول اللجوء والمنفى في التعبير الجماعي الفلسطيني خلال انتفاضة 1987-1993. وكما جرى مع فرقتي "صابرين" و"وشم" وغيرهما من الفرق الفلسطينية، برزت مطربات في العديد من المشاريع الفنية الموسيقية في الشتات. صدر ألبوم "موسيقى الانتفاضة" في برلين الغربية سنة 1988 بمشاركة فرقة "صبايا الانتفاضة" و"مجموعة الكرمل الطلابية الفلسطينية" وغيرهما من الفرق التي غنَّت أناشيد سياسية كُرست للانتفاضة. وفي الوقت نفسه، قدمت فرقة "الفجر" مع المغنية سيما كنعان أناشيد جديدة وأُخرى معروفة لجمهور الكويت كما غنَّت على مسارح العراق وجمهورية ألمانيا الديمقراطية. وعُرفت سيما كنعان بغنائها قصيدة الشاعر سميح القاسم "ربّما" (يا عدوَّ الشمس):

ربما تسلبني آخر شبر من ترابي

ربما تطعم للسجن شبابي

ربما تسطو على ميراث جدي

من أثاث وأوان وخواب

ربما تحرق أشعاري وكتبي

ربما تطعم لحمي للكلاب

ربما تبقى على قريتنا كابوس رعب

يا عدو الشمس لكن لن أساوم

وإلى آخر نبض في عروقي سأقاوم

وعززت الانتفاضة الفلسطينية توجه الفلسطينيين في دول اللجوء والشتات للمساهمة في قضية التحرير الوطني على المستوى الدولي من خلال الأغاني والموسيقى.

الموسيقى الفلسطينية في المنفى بعد أوسلو

بدأ العديد من الموسيقيين الفلسطينيين في البحث عن سبل متعددة للتعبير الجمالي منذ تسعينيات القرن العشرين. فقد بادرت المغنية ريم كيلاني التي وُلدت في بريطانيا ونشأت في الكويت، إلى جمع وتوثيق الأغاني التراثية التي ترجع إلى فترة ما قبل النكبة والتي عرفتها في طفولتها ثم من خلال البحث والمقابلات الميدانية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومع فرق الجاز قبل أن تصدر ألبومها الأول بعنوان "الغزلان النافرة: أغان فلسطينية من الوطن الأُم ومن الشتات" في سنة 2006 بعد أكثر من عشر سنوات من الجولات الموسيقية والنشاط الموسيقي الملتزم. أمّا  المغنية والعازفة على عدة آلات كاميليا جبران المولودة في عكا فقد قادت فرقة "صابرين" الرائدة في القدس من سنة 1982 إلى سنة 2002. بعدها عاشت في فرنسا وأصدرت أربعة ألبومات كفنانة منفردة، أولها بعنوان "وميض" في سنة 2006.

تعاونت كاميليا جبران مع فنانين مثل سارة مورسيا وفيرنر هاسلر وكان لعملها تأثير مباشر في الموسيقيين الأصغر سناً، بما في ذلك تامر أبو غزالة وهدى عصفور، وكلاهما كانا مقيمين في مصر في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وخطا مسارهما بأسلوبين خاصين بهما واكتسبا جمهورهما الخاص في المشهد الموسيقي المستقل والبديل. ومع امتناع المنصات الرسمية في الغرب إلى حد كبير عن توفير فضاءات للموسيقى الفلسطينية خلال الانتفاضتين وعملية أوسلو "للسلام"، تمكن فنانون مثل أعضاء فرقة "حنظلة"، ومقرها إيطاليا، وفرقة "السبعة وأربعين" (47 Soul) الفلسطينية الأردنية، وفرق أقدم مثل "العاشقين" وفرق متعددة للغناء والرقص من شق طريقها واكتسبت جمهورها الخاص من المستمعين بين النشطاء الملتزمين وواصلت جولاتها على المسارح الدولية.

من ناحية أُخرى، شكّل عازفو الآلات، التزاماً منهم بإحياء التراث والتقاليد الأصيلة والحفاظ عليها وبفضل الاهتمام العالمي بموسيقى الشرق الأوسط، اتجاهاً رئيسياً في الموسيقى الفلسطينية. قبل النكبة، تطورت ثقافة الطرب الأصيل خلال الفترة العثمانية في المدن العربية ولا سيما في القدس ويافا ومدن أُخرى في فلسطين، قبل انتقال عدد من العازفين البارزين إلى المنفى ومنهم الخماش الذي رحل إلى العراق ويحيى السعودي إلى سوريا ويوسف رضوان إلى الأردن. أمّا أحمد الخطيب، فقد نشأ في مخيم إربد بالأردن في السبعينيات والثمانينيات، وتعلم العزف على يد أحمد عبد القاسم، وهو لاجئ فلسطيني كان يعيش في بغداد حيث طور في البداية أسلوبه الخاص داخل مدرسة العزف على آلة العود العراقية. وفي حين حال الاحتلال دون تمكنه من العمل بانتظام في فلسطين، صار الخطيب أستاذاً في العزف على العود واكتسب شهرة دولية على رأس فرقة "السبيل" إلى جانب عازف الإيقاع يوسف حبيش. ومع محاولات الاستعمار الصهيوني الاستيلاء على ثقافة العود كجزء من التراث الموسيقي العربي الفلسطيني، نشط عازفو العود والملحنون الفلسطينيون بشكل خاص خارج وطنهم، وكان من بينهم سيمون شاهين وعيسى بولس وكاميليا جبران وعيسى مراد والثلاثي جبران وباسل زايد.

تنوعت التجارب الموسيقية الفلسطينية في المنفى على نحو كبير من ناحية الأسلوب، وتأثرت بموسيقى الراب والموسيقى الإلكترونية والأنماط الغربية الكلاسيكية والبوب والجاز ونشأت أنواع موسيقية خاصة بفلسطين والمنطقة المحيطة بها. ومن بين مغنيي الراب الفلسطينيين الذين ساهموا في المشهد الموسيقي السائد والملتزم آيرون شيخ (الولايات المتحدة) وشادية منصور (بريطانيا) وإم سي عبدول (غزة/الولايات المتحدة)، وأسلوب (فرنسا) الذي شكل ثنائياً مع عازف العود عيسى مراد. ومع ذلك لم يكن اتّباع الأشكال الموسيقية الغربية سائداً في جميع الحالات، إذ حافظ الموسيقيون الفلسطينيون اللاجئون على الأغاني والموسيقى التراثية والتقليدية. ففي حين شكّل الطرب أو الموسيقى الكلاسيكية أحد فروع هذه العملية، كرّس موسيقيون آخرون جهودهم للحفاظ على التراث الشفوي للأغنية الشعبية الفلسطينية، مع ذخيرة ارتبطت بالريف والقرية الفلسطينية وحفلات الزفاف وغيرها من المناسبات الاجتماعية. وفي السنوات الأخيرة، شكل الموسيقيون الشباب في برج الشمالي ومخيمات اللاجئين الأُخرى في لبنان فرقاً موسيقية ينصب تركيزها على هذه الأغاني، ومنها فرقة "المنفيين" وفرقة "مشق" وإن لم تخلو موسيقاها من الطرب الأصيل. كما استخدمت بعض الفرق مزمار القربة في عروضها في حفلات الزفاف والاحتفالات الوطنية.

الموسيقى الفلسطينية في العالم بعد الحرب على غزة، 2023-2025

اضطلع الموسيقيون الفلسطينيون بدور في حشد التأييد للثقافة الفلسطينية في مواجهة الإبادة الجماعية الصهيونية في غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واعتلوا المسارح الدولية لأداء مقطوعاتهم وسجلوا أناشيدهم وموسيقاهم تضامناً مع المقاومة على الأرض. وباعتبارها منطقة  اللجوء الفلسطيني الأكثر كثافة، واصلت غزة تزويد العالم بأناشيدها وموسيقاها في مواجهة المجازر والفظائع الإسرائيلية اليومية. ألفت فرقة Sol Band الألحان وسجلتها ونظمت جلسات موسيقية بين النازحين قبل مغادرتها غزة في ربيع 2024، بينما حشد عازف العود الشاب سامح المدهون أيضاً التأييد على منصات التواصل الاجتماعي. وقامت عازفة العود ريم عنبر، التي عاشت الحروب الإسرائيلية السابقة على غزة، بجولة دولية كعازفة منفردة ومع فرقة Gazelleband في حملة لدعم أسرتها في مدينة غزة، بينما سجل مؤلف الأغاني أحمد حداد مقطوعات جديدة في تركيا، وعزف سراج السرساوي على العود مع فرقة "مقام" الفلسطينية في مصر.

ومن بين الموسيقيين الفلسطينيين الآخرين، الذين نشطوا وقدموا عروضاً خلال هذه الفترة، عازفو العود كلاريسا بيطار ونزار روحانا وسعيد سلباق؛ والمغنية ريم كيلاني؛ والمغنية وعازفة القانون كريستين زايد؛ وعازف البيانو فرج سليمان؛ وفرق موسيقية من بينها "السبعة وأربعين" وSol. ومن ألمانيا، غنت رلى عازر سلسلة من الأغاني النضالية بما في ذلك "أجراس العودة " و"اخلع نعلك يا موسى"، وهي أغنية لفادي زراقط المقيم في لبنان:

اخلع نعلك يا موسى واصعد طور سينين

إرمِ الفل والياسمين على سهول فلسطين

حتى الآن الوردُ يقاوم حتى الزيتون وحتى التين

قراءات مختارة: 

سحاب، الياس، وسليم سحاب وفكتور سحاب. "الموسيقى والغناء في فلسطين قبل 1948 وبعدها". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2021.

شموط، بشار. "الإرث الفلسطيني المرئي والمسموع: نشأته وتشتته والحفاظ الرقمي عليه". بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2020.

Boulos, Issa. The Palestinian Music-Making Experience in the West Bank, 1920-1959. PhD thesis, Leiden University, 2020.

Brehony, Louis. Palestinian Music in Exile: Voices of Resistance. Cairo: American University in Cairo Press, 2023.

Hamdi, Tahrir. Imagining Palestine. London: Bloomsbury, 2023.

Shabeeb, Samih. “Poetry of Rebellion: The Life, Verse and Death of Nuh Ibrahim during the 1936-39 Revolt.” Jerusalem Quarterly, no. 25 (Winter 2006): 65–78. https://www.palestine-studies.org/en/node/77691

Tamari, Salim and Issam Nassar. The Storyteller of Jerusalem. Northampton, MA: Olive Branch Press, 2014.