رسالة من السير هنري مكماهون إلى الشريف حسين
القاهرة، 24 تشرين الأول/ أكتوبر 1915
قد تلقيت بيد الاحتفاء والسرور رقيمكم الكريم المؤرخ بتاريخ 29 شوال سنة 1333 وبه من عباراتكم الودية المحضة وإخلاصكم ما أورثني رضاءً وسروراً.
إني متأسف أنكم استنتجتم من عبارة كتابي السابق أني قابلت مسألة الحدود والتخوم بالتردد والفتور، فإن ذلك لم يكن القصد من كتابي قط ولكني رأيت حينئذٍ أن الفرصة لم تكن قد حانت بعد للبحث في ذلك الموضوع بصورة نهائية.
ومع ذلك فقد أدركت من كتابكم الأخير أنكم تعتبرون هذه المسألة من المسائل الهامة الحيوية المستعجلة، فلذا فإني قد أسرعت في إبلاغ حكومة بريطانيا العظمى مضمون كتابكم، وإني بكمال السرور أبلغكم بالنيابة عنها التصريحات الآتية التي لا أشك في أنكم تنزلونها منزلة الرضى والقبول.
إن ولايتي مرسين وإسكندرونة وأجزاء من بلاد الشام الواقعة في الجهة الغربية لولايات دمشق الشام وحمص وحماه وحلب لا يمكن أن يقال إنها عربية محضة، وعليه يجب أن تستثنى من الحدود المطلوبة.
مع هذا التعديل وبدون تعرض للمعاهدات المعقودة بيننا وبين بعض رؤساء العرب نحن نقبل تلك الحدود.
وأما من خصوص الأقاليم التي تضمها تلك الحدود حيث بريطانيا العظمى مطلقة التصرف بدون أن تمس مصالح حليفتها فرنسا فإني مفوض من قبل حكومة بريطانيا العظمى أن أقدم المواثيق الآتية وأجيب على كتابكم بما يأتي:
1- أنه مع مراعاة التعديلات المذكورة أعلاه فبريطانيا العظمى مستعدة بأن تعترف باستقلال العرب وتؤيد ذلك الاستقلال في جميع الأقاليم الداخلة في الحدود التي يطلبها دولة شريف مكة.
2- أن بريطانيا العظمى تضمن الأماكن المقدسة من كل اعتداء خارجي وتعترف بوجوب منع التعدي عليها.
3- وعندما تسمح الظروف تمد بريطانيا العظمى العرب بنصائحها وتساعدهم على إيجاد هيئات حاكمة ملائمة لتلك الأقاليم المختلفة.
4- هذا وإن المفهوم أن العرب قد قرروا طلب نصائح وإرشادات بريطانيا العظمى وحدها وأن المستشارين والموظفين الأوروبيين اللازمين لتشكيل هيئة إدارية قويمة يكونون من الإنجليز.
5- أما من خصوص ولايتي بغداد والبصرة فإن العرب تعترف أن مركز ومصالح بريطانيا العظمى الموطدة هناك تستلزم اتخاذ تدابير إدارية مخصوصة لوقاية هذه الأقاليم من الاعتداء الأجنبي وزيادة خير سكانها وحماية مصالحنا الاقتصادية المتبادلة.
وإني متيقن أن هذا التصريح يؤكد لدولتكم بدون أقل ارتياب ميل بريطانيا العظمى نحو رغائب أصحابها العرب وتنتهي بعقد محالفة دائمة ثابتة معهم ويكون من نتائجها المستعجلة طرد الأتراك من بلاد العرب وتحرير الشعوب العربية من نير الأتراك الذي أثقل كاهلهم السنين الطوال.
ولقد اقتصرت في كتابي هذا على المسائل الحيوية ذات الأهمية الكبرى وإن كان هناك مسائل في خطاباتكم لم تذكر هنا فسنعود إلى البحث فيها في وقت مناسب في المستقبل.
المصدر: "ملف وثائق فلسطين: مجموعة وثائق وأوراق خاصة بالقضية الفلسطينية"، الجزء الأول من عام 637 إلى عام 1949. القاهرة: وزارة الإرشاد القومي، الهيئة العامة للاستعلامات، 1969، ص 169-187.