مكان

عرتوف

مكان
عَرْتُوف
اللواء
القدس
المحافظة
القدس
متوسط الارتفاع
250 م
المسافة من القدس
21.5 كم
تعداد السكان
السنة عرب المجموع
1931 252 253
1944/45 350 350
ملكية الأرض (1944/45) بالدونم
السنة عرب عام المجموع
1944/45 401 2 403
إستخدام الأرض (1944/45) بالدونم
الإستخدام عرب عام المجموع
المناطق غير صالحة للزراعة والمبنية (المجموع)
الإستخدام عرب عام المجموع
البناء 18 18
غير صالحة للزراعة 43 2 45
61 2 63 (16%)
مزروعة/صالحة للزراعة (المجموع)
الإستخدام عرب المجموع
الأراضي المزروعة والمروية 61 61
حبوب 279 279
340 340 (84%)
عدد المنازل (1931)
58

كانت القرية تنهض على نجد قليل الارتفاع، تحيط السهول بها من الجنوب والشرق والغرب. وكانت طريق فرعية تربطها بالطريق العام المؤدي إلى القدس. وفي سنة 1596، كانت عرتوف قرية في ناحية الرملة (لواء عزة)، ولا يتجاوز عدد سكانها 110 نسمات. وكانت تؤدي الضرائب على عدد من الغلال كالقمح والشعير والفاكهة، بالإضافة إلى عناصر أُخرى من الإنتاج والمستغَلات كالماعز وخلايا النحل وكروم العنب . في أواخر القرن التاسع عشر، كانت عرتوف قرية صغيرة قائمة على هضبة قليلة الارتفاع تشرف على واد، وكان السكان يتزودون المياه من بركة في الوادي . وكانت منازلها مبنية في معظمها بالحجارة والطين، لكن بعضها كان مبنياً بالحجارة والأسمنت ومقبّب السقوف. كان سكان عرتوف، وهم من المسلمين، يصلّون في مسجد يدعى المسجد العمري، الذي ربما سُمِّي بهذا الاسم نسبة إلى عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين. وكان يقوم عند تخوم القرية ضريح وليّ مسلم يدعى الشيخ علي الغمادي.

في عهد الانتداب، أنشأت السلطات البريطانية مركزاً حصيناً للشرطة على بعد نحو كيلومتر غربي عرتوف، ومحطة لقطار سكة الحديد خلفه مباشرة. إضافة إلى ذلك، كان في القرية مدرسة ابتدائية. كما كان هناك، إلى الجنوب الغربي من القرية، مستعمرة صهيونية صغيرة تدعى هرطوف. وفي الأصل أُسست هذه المستعمرة، في سنة 1883، على يد جمعية لندن لنشر المسيحية بين اليهود (London Society for the Promotion of Christianity Amongst the Jews)؛ لكن المستعمرة لم تدم طويلاً، إذ قاوم سكانها كل ما بذله الإنكليز من جهود لجعلهم يعتنقون المسيحية، ثم غادروها في سنة 1886. إلاّ إن هرطوف عادت فنشطت في سنة 1895 بفضل صهيونيين قدموا من بلغاريا، وكانوا في الوقت عينه من رعايا الإمبراطورية العثمانية ويتكلمون التركية فضلاً عن البلغارية واللادينو. وكان يحق لهم، بصفتهم من الرعايا العثمانيين، الاستقرار في جوار قرية عرتوف والحصول على صكوك ملكية الأراضي التي اشترتها المنظمات الصهيونية لهم. وشيئاً فشيئاً أقاموا علاقات سلمية مع جيرانهم الفلسطينيين. وعلى الرغم من خوف سكان عرتوف من أن يتعدى هؤلاء الصهيونيون على أراضيهم الخاصة، فقد عاملوهم معاملة الجيران.

كان سكان هرطوف، خلافاً لسواهم من سكان المستعمرات الصهيونيين، على استعداد لتأجير أجزاء من أراضيهم لمزارعين عرب، ومنهم نفر كان يعيش في عرتوف. ومع ذلك، فإن المستعمرة لم تزدهر، ولم يتجاوز عدد سكانها 75 نسمة في سنة 1904. وكان مردُّ ذلك، جزئياً، إلى الدعم غير الكافي الذي كانت تتلقاه من المنظمات الصهيونية المنتمية إلى التيار السائد، والتي اعترضت على سياسات الاستيطان 'الليبرالية' المتبعة تجاه العرب. فقد كان كثيرون من الصهيونيين يرفضون تشغيل عمال عرب في أرض صهيونية، بل كانوا أشد معارضة لتأجير الأرض الصهيونية لغير اليهود. وفي سنة 1929، دُمِّرت هرطوف خلال معركة وقعت بين الصهيونيين وفلسطينيين قدموا من أنحاء أُخرى من فلسطين. وعلى الرغم من رجوع سكانها السفاراد بعد ذلك بوقت قصير لإعادة بنائها، فإنها لم تتوسع ولم يتجاوز عدد سكانها 100 نسمة في سنة 1948 . وفي السنة نفسها، بدأ إنشاء مصنع 'شمشون' للأسمنت في جوار عرتوف، بتمويل من الصهيونيين. ومن غير الممكن أن يكون أحد من سكان القرية قد وجد عملاً فيه، وذلك بسبب سياسة الصندوق القومي اليهودي في إقصاء اليد العاملة العربية عن العمل في المؤسسات اليهودية.

كان نصف سكان القرية تقريباً يعمل في الزراعة، والباقي يعمل في محطة قطار سكة حديد باب الواد القريبة. وكانت الأراضي الزراعية تمتد غربي القرية، وقد غرست فيها أشجار الفاكهة واللوز. في 1944/ 1945، كان ما مجموعه 279 دونماً مخصصاً للحبوب، و61 دونماً مروياً أو مستخدَماً للبساتين؛ منها 20 دونماً حصة الزيتون. وفضلاً عن القرية عينها، التي كانت مبنية فوق موقع كان آهلاً قديماً، كان في جوار القرية موقعان أثريان: خربة مرميتا الواقعة على بعد نحو كيلومتر شرقي عرتوف، وخربة البرج في موقع هرطوف في الجنوب الشرقي. وقد قامت الجامعة العبرية منذ سنة 1985 بأعمال التنقيب عن آثار خربة البرج، وتبين أنها تحتوي على مصنوعات تعود إلى أواخر القرن الألف الرابع قبل الميلاد وإلى العهد البيزنطي.

كانت عرتوف إحدى ثلاث قرى عاقبها البريطانيون في أواخر آذار/ مارس 1948. ففي إثر هجوم عربي على مستعمرة هرطوف اليهودية المتاخمة، سار 600 جندي بريطاني إلى عرتوف وإشْوَع وبيت محسير في 23 آذار/ مارس. وأفاد مراسل صحيفة 'نيويورك تايمز' 'أنه قد تم إجلاء جميع السكان تقريباً'، قبل أن تحتل قوات الانتداب القرى الثلاث. لكن هذا الإجلاء كان موقتاً، إذ سرعان ما عاد السكان إلى منازلهم .

لم يهجَّر سكان عرتوف (وسكان غيرها من قرى منطقة القدس) فعلاً إلاّ في أواسط تموز/ يوليو. فقد تم احتلالها، في المرحلة الثانية من عملية داني، على يد الكتيبة الرابعة التابعة للواء هرئيل ليلة 17- 18 تموز/ يوليو 1948؛ وهذا استناداً إلى 'تاريخ حرب الاستقلال' وإلى المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس. ويصف موريس العملية كما يلي: 'كانت أكثرية سكان هذه القرى... غادرت المنطقة سابقاً، ثم غادر معظم من بقي من السكان مع اقتراب طوابير هرئيل وانطلاق نيران مدفعية الهاون. أمّا العدد القليل من السكان، الذي بقي في كل من القرى عند دخول الإسرائيليين، فقد طُرد' ؛ ذلك بأن الفصيلة الثانية من السرية ب (من الكتيبة الرابعة)، المجهزة بمدافع الهاون والبنادق الرشاشة، أرغمت أولاً سكان إشْوَع وعسلين المجاورتين على المغادرة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى عرتوف وصوّبت نيران مدافعها نحو مركز الشرطة الواقع غربي القرية، وأمطرت كلاًّ من القرية والمركز بوابل قذائفها. وقد حمل هذا القصف الذي استمر طوال الليل السكان على الفرار، حتى أن معظمهم اجتاز سيراً على الأقدام ثلاثة أميال من السفوح، صعوداً إلى قرية دير الهوا في الجنوب الشرقي. وكان أوائل الجنود الإسرائيليين الذين دخلوا القرية بعد تهجير سكانها، هم أفراد الفصيلة التي يقودها رفائيل إيتان .

في سنة 1895، عاد الصهيونيين فأحيوا مستعمرة هرطوف (التي عُرفت لاحقاً باسم كفار عفودَت هرطوف) على أراضي القرية، لكنها هُجِرت مرات عدة. وفي سنة 1950، أُنشئت مستعمرة ناحم على أنقاض كل من قرية عرتوف ومستعمرة هرطوف الصهيونية. وفي السنة نفسها، أُنشئت مستعمرة بيت شيمش في جوار الموقع، على أراض كانت تابعة لقرية دير آبان .

وُسِّع منزل حجري واحد يقع خارج مستعمرة ناحم اليهودية، وتقيم أُسرة يهودية فيه اليوم. ويقع وسط المستعمرة منزل حجري صغير، قريباً من موضع المسجد السابق، يستخدم اليوم مستودعاً. وعلى المنحدرات الغربية للموقع، يقع بناء دائري غير مسقوف كان يستخدم كبّارة يشوى فيها حجر الكلس حتى يتحول إلى مسحوق يخلط بالماء ثم يستخدم لتبييض الحيطان. وقد خُربِّت مقبرة القرية، الواقعة إلى الغرب منها، ولم يبق إلاّ ضريح واحد أو اثنان في طرفها الشرقي. ولا يزال قسم من مركز الشرطة البريطانية قائماً. أمّا ما سوى ذلك من الأماكن الأُخرى، فيتناثر في أنحاء القرية ركام الحجارة، وتنبت في الموقع أشجار التين والزيتون والسرو، ولا سيما في جهتي الغرب والشمال.

t