جدول الأحداث الكلي

جدول الأحداث الكلي

Highlight
جنوب أفريقيا الجديدة والقضية الفلسطينية
من المساعي الحميدة إلى الدعم الكامل

منذ تشكيل أول حكومة ديمقراطية في جنوب أفريقيا في سنة 1994، أعرب كل من الحكومة وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم عن دعمهما الشعب الفلسطيني وحق الفلسطينيين في تقرير المصير ومنظمة التحرير الفلسطينية . ومنذ ذلك الحين، تطورت العلاقات بين الحكومة والمؤتمر الوطني الأفريقي، من ناحية، وإسرائيل والفلسطينيين، من ناحية أُخرى، في اتجاهات متعددة. وتحوّلَ موقف جنوب أفريقيا بصورة خاصة من الرغبة في التوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى محاولات التوفيق وتحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة، وفي وقت لاحق، إلى مواجهة إسرائيل بشكل مباشر في إطار النظام القانوني الدولي.

ورثت أول حكومة في جنوب أفريقيا بعد الفصل العنصري، برئاسة نيلسون مانديلا ، مجموعة من العلاقات الدولية من جنوب أفريقيا في فترة الفصل العنصري واحتفظت بها في الغالب، انطلاقاً من أن التعامل مع دول كانت تساند النظام السابق يخدم جنوب أفريقيا على نحو أفضل من تجميد العلاقات معها، الأمر الذي كان من شأنه أن يعزلها هي عن هذه الدول. ومن بين هذه العلاقات الموروثة العلاقات القوية التي بناها نظام الفصل العنصري مع إسرائيل، على نحو خاص في القطاعات العسكرية والاستخبارات وتطوير الأسلحة النووية.

لم تغيِّر الحكومة بقيادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي العلاقات الدبلوماسية أو التجارية أو أي علاقات أُخرى قائمة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل، لكنها غيَّرت بعض العلاقات الأكثر إثارة للجدل. فحكومة الفصل العنصري كانت قد فككت برنامج الأسلحة النووية في سنة 1989 وأنهت تعاونها في هذا المجال مع إسرائيل، ثم أوقفت الحكومة الديمقراطية التعاون العسكري بين البلدين. ورسمياً، انتهت كل تجارة الأسلحة مع إسرائيل بحلول سنة 1998، لكن أثيرت تساؤلات بشأن استمرار الشركات الجنوب أفريقية الخاصة ببيع الأسلحة إلى إسرائيل.

وفي قطيعة كبرى مع الماضي، نجح حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الذي أنشأ علاقات استمرت عقوداً مع منظمة التحرير الفلسطينية، في تحقيق التوازن في علاقات جنوب أفريقيا مع إسرائيل، من جهة، وفلسطين، من جهة ثانية، وذلك من خلال إقامة روابط دبلوماسية كاملة مع دولة فلسطين في شباط/ فبراير 1995، بعد عشرة أشهر من تنصيب مانديلا رئيساً.

أسس سياسة جنوب أفريقيا الخارجية

قال نيلسون مانديلا: "ستكون حقوق الإنسان بمثابة الضوء الذي يرشدنا في سياستنا الخارجية." وهذا المبدأ هو الذي وجه سياسة جنوب أفريقيا الخارجية طيلة ثلاثة عقود إلى جانب مراعاة مصلحتها الوطنية. وجرى رسم معالم المصلحة الوطنية للبلد في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 في "وثيقة الإطار بشأن المصلحة الوطنية لجنوب أفريقيا وتقدمها في بيئة عالمية." إذ حددت هذه الوثيقة المصلحة الوطنية للبلد بناء على الأسس التالية: "حماية سيادتها الوطنية ونظامها الدستوري وتعزيزهما، وتحقيق رفاهية مواطنيها وسلامتهم وازدهارهم، وضمان مستقبل أفضل لأفريقيا والعالم." وقد نبع هذا الموقف المعياري من القيم المنصوص عليها في دستور جنوب أفريقيا والتي توجه سياساتها، وتتمثل في الحفاظ على الكرامة الإنسانية، والمساواة، وحقوق الإنسان، ونبذ العنصرية، وعدم التمييز على أساس الجنس، والديمقراطية.

وتؤكد وثيقة الإطار أن السياسة الخارجية لجنوب أفريقيا "تؤيد حقوق الإنسان، والتسوية السلمية للنزاعات، والعدالة الانتقالية، واحترام القانون الدولي والمعايير الدولية والعمل الجماعي من خلال الهيئات والمحافل متعددة الأطراف." وهذا النهج هو الذي وجَّه سياسة جنوب أفريقيا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

الرغبة في الوساطة

اضطلعت جنوب أفريقيا بأدوار محورية في العديد من مبادرات الوساطة في أفريقيا، وفي سنة 2002 أطلقت مبادرة السلام الرئاسية (مبادرة سبير ) للتوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وبهدف أن تكون بمثابة وسيلة تمكّنها من المساعدة على التوصل إلى حل سلمي لاحتلال إسرائيل واستعمارها الأراضي الفلسطينية، حاولت جنوب أفريقيا المبادرة إلى إقناع الطرفين المعنيين بالانخراط في المحادثات. كانت الحكومة على قناعة بأنها تحظى بصدقية لدى الإسرائيليين والفلسطينيين الملتزمين بالسلام، وخصوصاً أنها أيدت بصورة شبه قاطعة اتفاقية أوسلو وحل الدولتين.

تضمنت المبادرة مجموعة من التحركات: زيارات إلى جنوب أفريقيا قام بها أعضاء من حزب الليكود اليميني الإسرائيلي، ولقاء مسؤولين جنوب أفريقيين بمسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، ولقاءات بين شخصيات سياسية فلسطينية وإسرائيلية، ولقاءات بين جنرالات سابقين في الجيش الإسرائيلي في جنوب أفريقيا وجنرالات سابقين في قوات الدفاع الجنوب أفريقية في عصر الفصل العنصري، ودعم الإسرائيليين المعترضين على أداء الخدمة العسكرية، والاتصالات مع فصائل المقاومة الفلسطينية، والتنسيق مع أعضاء مختارين من المخابرات والجيش الإسرائيليين.

لم تحقق "مبادرة سبير" سوى القليل مما يمكن اعتباره خطوة نحو "السلام الفلسطيني الإسرائيلي". فقد استخدمت إسرائيل بنود المبادرة لجني الفائدة من جنوب أفريقيا (وهو ما نجحت فيه جزئياً) ولإضعاف الدعم الجنوب أفريقي للفلسطينيين (وهو ما فشلت فيه). ودعت إسرائيل وجماعات الضغط المؤيدة لها حكومة جنوب أفريقيا مراراً وتكراراً إلى أن تبرهن حيادها وتنهي دعمها للنضال الفلسطيني.

وفي سنة 2004، وقع وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزير التجارة والصناعة الجنوب أفريقي مانديسي مباهلوا اتفاقية تجارية كان لها تأثير كبير في العلاقات الثنائية: فقد نمت التجارة بين البلدين بين سنتي 2005 و2012 بنحو 7% في كل اتجاه، بمعدل سنوي. لكن إسرائيل رفضت محاولات جنوب أفريقيا لتسهيل أي اتفاق مع الفلسطينيين. وحتى في الاجتماعات التي استضافتها جنوب أفريقيا، كان المندوبون الإسرائيليون من الساسة السابقين الذين لا يتمتعون بأي تأثير يُذكر على حكومتهم، في حين ضمت الوفود الفلسطينية مسؤولين من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وبالتالي، فشلت "مبادرة سبير" في تحقيق هدفها العام. ومع ذلك، يواصل بعض المسؤولين أحياناً ترداد فكرة أن جنوب أفريقيا قادرة على التوسط بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي الوقت ذاته، استمرت العناصر المؤيدة لإسرائيل في محاولة استخدام أهداف "سبير" لدفع جنوب أفريقيا للبقاء على "الحياد"، وجعلها أكثر تعاطفاً مع إسرائيل، وضمان استمرار اتفاقية التجارة الموقعة سنة 2004.

التركيز على الفلسطينيين

تمكنت إسرائيل من جني مزيد من الفوائد من اتفاقية التجارة إلى أن تغيَّر مسار العلاقة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا في حدود سنة 2012.

عبّرت جنوب أفريقيا عن استيائها إثر الهجومين الرئيسيين اللذين شنتهما إسرائيل على غزة - عملية الرصاص المصبوب / معركة الفرقان (2008-2009) وعملية إعادة الصدى (آذار/ مارس 2012). بعد مناشدات من حركة التضامن مع فلسطين في جنوب أفريقيا، قرر المؤتمر الوطني الأفريقي في المؤتمر الذي عقده في كانون الأول/ ديسمبر 2012 دعم حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وذلك بعد أسابيع من إطلاق إسرائيل عملية عمود السحاب / حجارة السجيل (تشرين الثاني/ نوفمبر 2012) التي أسفرت عن قتل وجرح وتشريد مئات الأشخاص في قطاع غزة. وعُقد المؤتمر في نهاية عام بلغ فيه حجم التجارة بين جنوب أفريقيا وإسرائيل ذروته مع تبادلات بقيمة 1.19 مليار دولار. وفي السنة التالية، انخفض هذا الرقم إلى 871.7 مليون دولار. وفي سنة 2014، انتهت صلاحية اتفاقية التجارة، ولم تكن جنوب أفريقيا مهتمة بتجديدها. وبحلول سنة 2019، انخفضت المبادلات التجارية إلى 407.7 مليون دولار.

لم يكن تغيُّر المزاج في جنوب أفريقيا مفاجئاً؛ فقد أعقب ما لا يقل عن نصف عقد من التعامل مع جهات وشخصيات فلسطينية عديدة، بما في ذلك من خلال "مبادرة سبير". وبحلول أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدرك الكثيرون في المؤتمر الوطني الأفريقي أن الاعتراف بدولة فلسطين وحكومتها التي تمثلها السلطة الفلسطينية غير ملائم. وبدأوا في التشكيك في أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية هما "الممثلان الوحيدان" للشعب الفلسطيني، وخصوصاً بعد فوز حركة "حماس " - التي لم تكن ممثَّلة في منظمة التحرير الفلسطينية - في الانتخابات التشريعية سنة 2006.

بعد أيام قليلة من تعيين إسماعيل هنية القيادي في حركة "حماس" رئيساً لحكومة السلطة الفلسطينية، دعاه رئيس جنوب أفريقيا تابو مبيكي إلى القيام بزيارة رسمية إلى جنوب أفريقيا. فقد أقنعت الانتخابات مبيكي بأن جنوب أفريقيا لا بد وأن تنمي علاقاتها مع الفصائل الفلسطينية كافة. لكن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس سارع إلى إرسال ممثل إلى جنوب أفريقيا لإقناع بريتوريا بعدم استضافة هنية. وتم التخلي عن الأمر بهدوء.

كان سفير جنوب أفريقيا في سوريا ، محمد دانغور ، هو الذي باشر التعامل مع الفصائل الفلسطينية المختلفة من خلال السفارة في دمشق حيث توجد مكاتب لمعظم الفصائل الفلسطينية بما فيها حركة "حماس"، وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة ، والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين . وفي سنة 2008، زار الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي كجاليما موتلانثي دمشق، برفقة إبراهيم إسماعيل إبراهيم ، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الدولية في الحزب، والتقيا حينها بقادة بعض الفصائل، بما في ذلك حركة "حماس". كما التقى اثنان آخران من كبار المسؤولين الحكوميين، هما وزير الاستخبارات روني كاسريلس ونائب وزير الخارجية عزيز باهاد ، قادة هذه الفصائل في دمشق. وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2010، التقى موتلانثي (ويشغل حالياً منصب نائب رئيس جنوب أفريقيا) رسمياً بممثلي أبرز الفصائل الفلسطينية في سوريا.

في سنة 2011، التقى إبراهيم إسماعيل إبراهيم الذي أصبح يشغل منصب نائب وزير الخارجية بـمصطفى برغوثي ، رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية ، وهي حركة أُخرى كانت خارج منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك. والتقى إبراهيم بمصطفى البرغوثي مرتين: في بريتوريا كنائب وزير، ثم كرئيس للجنة الفرعية للعلاقات الدولية في المؤتمر الوطني الأفريقي في مقر المؤتمر في جوهانسبرغ . وكانت هذه الاجتماعات دلالة على تحول موقف الحكومة نحو الاعتراف بجميع الفصائل الفلسطينية واستطلاع مواقفها وآرائها. ومن الأمثلة البارزة على ذلك الزيارة التي قام بها وفد المكتب السياسي لحركة "حماس" بقيادة خالد مشعل في سنة 2015 والذي حل ضيفاً على المؤتمر الوطني الأفريقي. وبصفته رئيساً للمؤتمر الوطني الأفريقي، وقع الرئيس جاكوب زوما خطاب نوايا مع مشعل، وأعلن المؤتمر الوطني الأفريقي أنه دعا "حماس" إلى فتح مكتب في جنوب أفريقيا.

شجعت حكومة جنوب أفريقيا الجهود غير الحكومية الرامية إلى تعزيز المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وإحياء النقاش بشأن توسيع الطابع التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية. وشملت هذه الجهود فلسطينيين من داخل إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، مع ممثلين عن "فتح " و"حماس" وفصائل أُخرى. وحضر مسؤولون حكوميون وقادة المؤتمر الوطني الأفريقي عدة اجتماعات جرت فيها مثل هذه المناقشات، في لبنان (2015) وفي جنوب أفريقيا (2016 و2017)، نظمتها منظمات المجتمع المدني.

تراجع بطيء

على نحو غير مفاجئ، وبينما تضاءل اهتمام حكومة جنوب أفريقيا بالقيام بدور الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تزايد تركيز اهتمامها على المسائل الفلسطينية الداخلية.

في سنة 2010، شارك مواطن من جنوب أفريقيا في أسطول الحرية (2010) الذي حاول كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة. وبعد مهاجمة إسرائيل الأسطول في 30 أيار/ مايو 2010، سحبت جنوب أفريقيا سفيرها في تل أبيب إسماعيل كوفاديا الذي لم يعد إلى إسرائيل إلاّ بعد شهرين.

بعد عامين، تحركت حركة التضامن مع فلسطين وعبأت مناصريها رداً على تقارير عديدة عن توجه العديد من الوفود الجنوب أفريقية إلى إسرائيل ونزولها ضيفة على الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم وفود من رابطة شباب المؤتمر الوطني الأفريقي ، ورجال شرطة يذهبون للتدريب، وشركات ترسل موظفين للتدريب. وأعلن نائب الوزير إبراهيم إسماعيل إبراهيم عن سياسة حكومية تحظر على المسؤولين الحكوميين زيارة إسرائيل ما لم يكن ذلك لأداء واجباتهم الدبلوماسية أو "لتعزيز عملية السلام". وبحلول سنة 2013، تراجعت زيارات الوفود، وبدأت المبادلات التجارية أيضاً تتضاءل.

ودعا المؤتمر الوطني الأفريقي خلال مؤتمره المنعقد في كانون الأول/ ديسمبر 2017 الحكومة إلى خفض مستوى سفارة جنوب أفريقيا في تل أبيب إلى مكتب اتصال. وفي أيار/ مايو 2018، بعد أن قتلت إسرائيل 234 فلسطينياً شاركوا في مسيرة العودة الكبرى ، استدعت جنوب أفريقيا سفيرها، سيسا نغومبان ، احتجاجاً.

وقالت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون لينديوي سيسولو في وقت لاحق إن استدعاء السفير كان الخطوة الأولى في عملية خفض التمثيل. ولم يعد السفير إلى  تل أبيب وعملت السفارة من دون سفير وبموظفين صغار منذ ذلك الحين. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، سحبت الحكومة جميع دبلوماسييها من إسرائيل، احتجاجاً على الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة. وبحلول ذلك الوقت، كانت الحكومة – ولا سيما الرئيس رامافوزا ووزيرة العلاقات الدولية والتعاون ناليدي باندور - تشير بشكل متزايد إلى ممارسات الفصل العنصري/ الأبارتهايد الإسرائيلية في الخطب الرسمية، وخصوصاً بعد نشر تقارير منظمتي بتسيلم وهيومن رايتس ووتش (في سنة 2021) ومنظمة العفو الدولية (في سنة 2022) حول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

عبّرت جنوب أفريقيا كذلك عن موقفها تجاه إسرائيل داخل هيئات الاتحاد الأفريقي . ففي تموز/ يوليو 2021، منح رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد إسرائيل صفة مراقب في الهيئة القاريّة. وفي غضون أيام، قادت جنوب أفريقيا حملة ضغط لإلغاء اعتماد إسرائيل. وقالت وزيرة العلاقات الدولية والتعاون ناليدي باندور إن درجة خطورة الأمر تكفي لدفع جنوب أفريقيا إلى إعادة النظر في عضويتها في الاتحاد الأفريقي. وظل الأمر مثار خلاف، إلى أن تمّ، في شباط/ فبراير 2023، إبعاد وفد إسرائيلي من قمة الاتحاد الأفريقي حينها، وظل وضع إسرائيل كمراقب معلقاً.

رد جنوب أفريقيا على "طوفان الأقصى" والإبادة الجماعية الإسرائيلية

منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عندما اخترقت فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة السياج المحيط بالقطاع وهاجمت أهدافاً في جنوب إسرائيل، ركزت حكومة جنوب أفريقيا انتباهها على العلاقات مع إسرائيل والظروف المتدهورة للشعب الفلسطيني. في غضون ساعات من عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر، أعربت جنوب أفريقيا عن قلقها إزاء التصعيد، وألقت باللوم على الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية والتوسع الاستيطاني وتدنيس الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس ، والقمع المستمر للفلسطينيين؛ ولم تنتقد فصائل المقاومة في غزة، وهو ما أثار ردات فعل فورية وخبيثة من اللوبي المؤيد لإسرائيل ومن السفير الإسرائيلي في جنوب أفريقيا.

بعد ذلك انتقد مجلس الوزراء في جنوب أفريقيا هجوم 7 تشرين  الأول/ أكتوبر، لكن التركيز ظل على الهجوم الإسرائيلي. ومع تزايد عدد القتلى وحجم الدمار في قطاع غزة، وجه الرئيس رامافوزا والوزيرة باندور إدانات شديدة لإسرائيل. وناقشت الوزيرة مع قائد "حماس" إسماعيل هنية الوضع في مكالمة هاتفية. وبلغ النشاط الحكومي الحثيث ذروته في 6 تشرين  الثاني/ نوفمبر 2023 مع إعلان سحب جنوب أفريقيا دبلوماسييها من تل أبيب. بعد أسبوع، أقر البرلمان الجنوب أفريقي قراراً يدعو الحكومة إلى طرد السفير الإسرائيلي وإغلاق السفارة الإسرائيلية، لكن لم يحدث أي منهما. وفي اليوم نفسه، استضاف الرئيس رامافوزا اجتماعاً خاصاً لدول مجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) لمناقشة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. وتصاعدت التوترات عندما أعلن رامافوزا أن جنوب أفريقيا هي واحدة من ست دول أحالت إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وأن رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وغيره من السياسيين الإسرائيليين يجب أن يحاكموا أمام المحكمة الجنائية الدولية.

جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية

كانت جنوب أفريقيا واحدة من اثنتين وخمسين دولة شاركت في جلسة محكمة العدل الدولية بشأن شرعية الاحتلال الإسرائيلي في نهاية شباط/ فبراير 2023، وطالبت باعتبار الاحتلال غير قانوني. وجاءت الجلسة في إطار الطلب الذي وجهته الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على فتوى من محكمة العدل الدولية.

في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2023، أعلنت محكمة العدل الدولية أن جنوب أفريقيا رفعت دعوى ضد إسرائيل، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها . وأدانت الشكوى أعمال المقاومة الفلسطينية ضد المدنيين، لكنها أكدت أنه لا يمكن لأي أفعال أن تبرر انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية. وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة أن تصدر تدابير موقتة ضد إسرائيل لحماية الفلسطينيين في قطاع غزة. واستمعت المحكمة إلى المرافعات في كانون  الثاني/ يناير 2024؛ وقبلت في أمرها الصادر في 26 كانون الثاني/ يناير 2024 المطالبات التي قدمتها جنوب أفريقيا ورفضت حجج إسرائيل المضادة. وفي 12 شباط/ فبراير 2024 و6 آذار/ مارس 2024، تقدمت جنوب أفريقيا بطلب إلى المحكمة لاتخاذ تدابير موقتة إضافية.

أثارت دعوى جنوب أفريقيا ردات فعل متباينة. إذ هاجمت إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الآخرون جنوب أفريقيا واتهموها، ولا سيما الوزيرة باندور، بأنها تعمل لمصلحة إيران . وبينما ازداد تدهور العلاقات بين جنوب أفريقيا وإسرائيل، حظيت جنوب أفريقيا بدعم واسع من الرأي العام في الشمال العالمي والجنوب العالمي ومن مختلف حكومات الجنوب العالمي.

وعلى الرغم من هذه المواقف والإجراءات القوية، فإن حركة التضامن مع فلسطين واصلت انتقاد حكومة جنوب أفريقيا لأنها ما زالت تسمح بتصدير الفحم وغيره من المنتوجات المهمة إلى إسرائيل، وعدم مقاضاة مواطني جنوب أفريقيا الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي، وعدم قطع العلاقات الدبلوماسية رسمياً مع إسرائيل.

جدول الأحداث الكلي
E.g., 2025/08/25
E.g., 2025/08/25

الحكم العثماني

1500

1600

1700

1800

1810

1820

1830

1840

1850

1860

1870

1880

1890

1900

1901

1902

1903

1904

1905

1906

1907

1908

1909

1910

1911

1912

1913

1914

1915

1916

الاحتلال البريطاني وعهد الانتداب المبكر

1917

1918

1919

1920

1921

1922

1923

1924

1925

1926

1927

1928

1929

1930

1931

1932

1933

1934

1935

عهد الانتداب المتأخر

1936

1937

1938

1939

1940

1941

1942

1943

1944

1945

1946

حرب فلسطين والنكبة

1947

1948

1949

ارتدادات حرب فلسطين

1950

1951

1952

1953

1954

1955

1956

1957

1958

1959

1960

1961

1962

1963

1964

1965

صعود الحركة الوطنية الفلسطينية

1966

1967

1968

1969

1970

1971

1972

بعد حرب سنة 1973: سلام منفصل وحرب أهلية

1973

1974

1975

1976

1977

1978

1979

1980

1981

هزيمة فلسطينية، وانشقاقات، وبقاء

1982

1983

1984

1985

1986

الانتفاضة الأولى والمفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية

1987

1988

1989

1990

1991

1992

مسار أوسلو: نحو الفشل

1993

1994

1995

1996

1997

1998

1999

الانتفاضة الثانية وحقبة ما بعد عرفات

2000

2001

2002

2003

2004

2005

قطاع غزة: مفصول ومعتدى عليه

2006

2007

2008

2009

2010

2011

2012

2013

2014

2015

2016

مأزق يزداد استعصاء

2017

2018

2019

2020

2021