
كمال ناصر
ولد كمال ناصر في سنة 1925 في مدينة غزة، حيث كان والده يعمل، لعائلة مسيحية بروتستانتية من أشهر عائلات بلدة بيرزيت.
والده: بطرس. والدته: وديعة ناصر. شقيقاه: سامي؛ وديع. شقيقاته: ألين؛ لوريس؛ سلوى.
درس كمال ناصر في مدرسة بيرزيت، ثم التحق بالجامعة الأميركية في بيروت وحصل فيها، في سنة 1945، على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية. وراح ينظم الشعر ويمارس العمل الصحافي منذ ريعان شبابه.
بعد عودته إلى فلسطين، عمل كمال ناصر مدرساً في مدرسة صهيون بالقدس، ثم التحق بمعهد الحقوق في المدينة، وعُين سنة 1947 أستاذاً للأدب العربي في الكلية الأهلية برام الله.
نشر كمال ناصر قصائده وقصصه القصيرة، منذ خريف سنة 1947، في مجلة "القافلة" الأسبوعية، وفي جريدة "فلسطين" اليومية، اللتين كانتا تصدران في القدس.
شارك كمال ناصر، في آذار/ مارس 1949، في إصدار جريدة "البعث" اليومية في القدس، لكنها أُغلقت بعد أشهر قليلة من صدورها. وكان قد انضم، بعد النكبة، إلى "جماعة البعث" في رام الله والقدس، التي تشكّلت بعد قيام ميشيل عفلق بزبارة فلسطين ولقائه مع عبد الله الريماوي.
شغل كمال ناصر، في أواخر سنة 1949، منصب صاحب الامتياز والرئيس التحرير المسؤول لمجلة "الجيل الجديد" الأسبوعية السياسية المصوّرة، التي صدرت في مدينة القدس وتصدرها شعار: "أمل، عقيدة، جهاد". وتعاون في إصدارها مع هشام النشاشيبي وعصام حماد، لكنها لم تعمر طويلاً.
انضم أعضاء "جماعة البعث" في رام الله والقدس، ومن ضمنهم كمال ناصر، في سنة 1952، إلى فرع حزب البعث العربي الاشتراكي في الأردن، الذي سُمح له بالنشاط العلني في سنة 1955.
بعد فترة قصيرة قضاها في العمل في الكويت، عاد كمال ناصر إلى القدس، وخاض الانتخابات النيابية الأردنية، التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 1956، عن حزب البعث، وانتخب نائباً في البرلمان عن قضاء رام الله. وخلال إحدى جلسات المجلس، اقترح سن تشريعات تضمن حقوق المرأة، وخصوصاً حقوقها السياسية، فوقف الشيخ القبلي حمد جازي، ملوحاً بسيفه قائلاً: "إن النساء قبورهنّ بيوتهن، وإن الذي يطلب حقوقاً للمرأة يكون مثلها وسأقطع رأسه بهذا السيف"، وسقط الاقتراح.
بعد الانقلاب الذي وقع في نيسان/ أبريل 1957 على حكومة سليمان النابلسي الوطنية، اضطُر كمال ناصر إلى الاختفاء متنقلاً طوال عام ونصف العام بين عدد من القرى، وذلك قبل أن يتمكن من الهرب إلى سورية، في عهد الجمهورية العربية المتحدة، حيث عمل في دمشق في تعليم اللغة الإنكليزية والكتابة إلى بعض الصحف.
أصدر كمال ناصر ديوانه الشعري الأول، في آذار/ مارس 1960، تحت عنوان: "جراح تغني"، عن دار الطليعة للطباعة والنشر في بيروت، الذي ضم عدداً من القصائد الشعرية ذات عناوين متنوعة، فبعضها عن حياته وهو ملاحق من السلطات، وبعضها قصائد رثاء في أصدقائه، وأُخرى كتبها عن فلسطين، واللجوء، والعرب، تصوّر فيها تجربة الأمة العربية في النضال والكفاح في مختلف الأقطار.
ترك كمال ناصر دمشق، بعد انفصال سورية عن مصر في أيلول/ سبتمبر 1961، ولجأ إلى القاهرة، ومن هناك قام، في سنة 1963، بجولة أوروبية واسعة، زار خلالها الاتحاد السوفياتي، وفرنسا، وإيطاليا وبريطانيا، وتعرّف إلى عدد من الأدباء والمثقفين الأوروبيين، من بينهم جان بول سارتر.
عاد كمال ناصر إلى الضفة الغربية، بعد أن أصدرت الحكومة الأردنية، سنة 1965، مرسوم العفو العام عن النشطاء السياسيين المعارضين، واستقر في بلدته بيرزيت.
بعد سقوط القدس، في حزيران/ يونيو 1967، في يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، راح كمال ناصر يناضل ضد الاحتلال فاعتقلته السلطات العسكرية الإسرائيلية وأودع سجن رام الله، ثم أُبعد خارج وطنه في 23 كانون الأول/ ديسمبر 1967، مع إبراهيم بكر.
انتخب كمال ناصر، في شباط/ فبراير 1969، عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأصبح المتحدث الرسمي باسمها. واختير رئيساً للجنة الاعلام العربي الدائمة، المنبثقة من جامعة الدول العربية.
تبنى المجلس الوطني الفلسطيني، في سنة 1972، قرار إنشاء مؤسسة إعلامية فلسطينية موحدة، وأنيطت بكمال ناصر مهمة الإشراف على الهيكل الجديد الذي سمي "الإعلام الموحد" وترأس تحرير مجلة المنظمة "فلسطين الثورة" التي بدأت بالصدور في حزيران/ يونيو من ذلك العام من مدينة بيروت، واستمر في رئاسة تحريرها حتى تاريخ استشهاده. وكان قد ترك بصمته الشخصية المميزة عليها، من خلال مواقف كان يعبّر عنها في افتتاحيات المجلة التي كثيراً ما كان يكتبها وفق قناعاته ورؤيته الشخصية، ولا تلبث بعد ذلك أن تتحوّل إلى مواقف رسمية لمنظمة التحرير. فعلى سبيل المثال، عندما قرر الرئيس المصري أنور السادات، في سنة 1972، طرد الخبراء السوفيات من مصر، كتب افتتاحية كانت مثار نقاشات واسعة في الأوساط السياسية الفلسطينية والعربية لما حملته من موقف واضح وحاسم عبّر عنه عنوان المقالة: "دفاعاً عن أنفسنا، وليس دفاعاً عن السوفييت"، فكان بذلك يقرأ موقف القيادة الفلسطينية، وموقف زعيمها ياسر عرفات، ويرغب في إطلاق هذا الموقف من دون أن يتسبب في إحراج قيادة المنظمة.
في العاشر من نيسان/أبريل 1973، تسللت وحدة من جهاز "الموساد" الإسرائيلي إلى قلب العاصمة اللبنانية ونفذت، في منطقة فردان، عمليات اغتيال راح ضحيتها ثلاثة قادة فلسطينيين هم: كمال عدوان وكمال ناصر وأبو يوسف النجار.
دُفن كمال ناصر، بناء على وصيته، في مقبرة الشهداء في بيروت إلى جانب صديقه غسان كنفاني. وكان قد قال بعد مشاركته في تشييع غسان كنفاني: "يا سلام هكذا يكون عرس الكاتب الشهيد"، متسائلا: "هل ستتاح لي مثل هذه الجنازة يوماً؟"
كان للنكبة الفلسطينية في سنة 1948، أثر عميق في شخصية كمال ناصر، وهو عبّر عن ذلك بقوله في مذكراته: "عندما كنت أنام بعد هزيمة 1948، كنت أستيقظ من نومي مذعوراً في السنوات الأولى للنكبة، من جراء كوابيس وأحلام كانت تعذبني باستمرار، وتذكّرني بالمعارك المزيفة والاستسلام، والمسرحية التي مُثلت على أرض فلسطين، كما كانت هذه الكوابيس تطاردني، فتصوّر لي الذبح والقتل الجماعي والتشريد الذي حدث لبني قومي وهم يُطردون من بلادهم فلسطين."
كان كمال ناصر شاعراً حساساً، وصحافياً متميّزاً، ومناضلاً وطنياً صادقاً في ارتباطه بشعبه، ووطنه، وهو ما عبّر عنه، في عمر مبكر، في الأبيات الشعرية التالية:
مأساة هذا الشعب مأساتي .. وجراحه الثكلى جراحاتي
أنا بعض ما ينساب من دمه .. وكأنه من بعض آهاتي
قدران في درب المنى اعتنقا .. هيهات ينفصلان هيهات
أطلق عليه صلاح خلف "أبو إياد" لقب "ضمير الثورة الفلسطينية"، لما كان يتمتع به من صدقية وسمات أخلاقية عالية. وكتب مقالاً في رثائه بعنوان: "كمال ناصر...والثورة مستمرة"، نُشر في مجلة "شؤون فلسطينية" في أيار/ مايو 1973، ومما جاء فيه: "من الصعب أن أرثي الشهيد بالكلمة وهو الذي قال 'لقد فقدت الكلمة محتواها'، ومن الصعب أن أرثيه بالدمع الساخن لأن مآقينا جفت منذ حملنا البندقية... لقد فقدت الثورة الفلسطينية والعربية رجلاً شجاعاً لأن الشجاعة في معناها الحقيقي الالتزام بخط الثورة في المحنة والرخاء وكذلك كان كمال ناصر. وفقدت الثورة رجلاً مفكراً صاحب كلمة شجاعة وهادئة وعاقلة وثورية في الوقت نفسه، وقيمة الكلمة أن تكون كذلك في مرحلة خطيرة تمر بها الثورة...لقد قتلوك ثم صلبوك وكأنهم يريدون أن ينذروا كل الأديان أن هذا مصير الفكر والعقيدة، ولكنهم ما دروا أن دمك الغالي جعل المسلمين مسيحيين وجعل المسيحيين مسلمين، فصلوا عليك في المسجد وصلوا على رفيقيك أبو يوسف وكمال عدوان في الكنيسة..".
خاطبته الأديبة السورية غادة السمّان قائلة: "ينتابني إحساس دائمٌ كلّما كتبتُ إليك، هو أنني لن أتلقى ردّاً، فأنت أيها الفارس المشرّد، ضائعٌ في هذا العالم الواسع، ومن المحتمل أن تصل رسالتي إليك وأنت قد غادرت عمّان وصرتَ حاكماً لسوريا، أو قتيلاً في بيرزيت."
وتألفت بعد استشهاده لجنة لتخليد تراثه نشرت أعماله النثرية والشعرية الكاملة. وتخليداً لذكراه ودوره النضالي والأدبي في خدمة القضية الوطنية الفلسطينية، سميت باسمه أكبر قاعة من قاعات جامعة بيرزيت.
من آثاره
"جراح تغني" (شعر). بيروت: دار الطليعة، 1960.
"الصح والخطأ" (مسرحية). بيروت: مؤسسة تخليد كمال ناصر، 1981.
https://archive.palestine-studies.org/ar/node/1102
عباس، إحسان (إعداد). "كمال ناصر - الآثار الشعرية". بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1974 (436 صفحة). يحوي الكتاب 5 مجموعات شعرية: بواكير، خيمة في وجه الأعاصير، أنشودة الحقد، جراح تغني، أغنية النهاية.
علوش، ناجي (إعداد وتقديم). "كمال ناصر - الآثار النثرية" بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1974 (280 صفحة). يحوي قسمين: ما كتبه كمال ناصر في افتتاحيات "فلسطين الثورة"؛ ومذكراته بعنوان "أسير فلسطيني في السجن الكبير".
"مذكرات لاجئ سياسي". "شؤون فلسطينية"، العدد 44 (نيسان/ أبريل 1975).
"مجموعة كمال ناصر". بيروت: أرشيف مؤسسة الدراسات الفلسطينية:
https://archive.palestine-studies.org/ar/content/أوراق-كمال-ناصر
المصادر:
استيتيه، شهناز مصطفى. "كمال ناصر - حياته وشعره". بيروت: دار الفارابي، 2003.
جامعة بيرزيت. " الشاعر الشهيد كمال ناصر.. ضمير الثورة الفلسطينية"، 30 آذار/مارس 2021.
https://www.birzeit.edu/ar/news/Kamal-Nasser
سليمان، سهيل. "كمال ناصر الشاعر، والأديب والسياسي". بيروت: دار الأصالة، 1986.
الطويل، محمد رضا. "الفكرة القومية في شعر كمال ناصر". تونس: الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، 1977.
عميرة، عائد. " كمال ناصر: رسائل عن مأساة الفلسطينيين وجراح التهجير". "ن بوست"، 1 نيسان/أبريل 2024.
https://www.noonpost.com/204692
"كمال ناصر... شيء عن تجربته السياسية والأدبية والشهادة"، "تدوين"، 10 نيسان/أبريل 2023.
https://tadween.alhadath.ps/article/165703/كمال-ناصر--شيء-عن-تجربته-السياسية-والأدبية-والشهادة
المدهون، راسم. "ذكرى كمال ناصر.. بين الحلم والواقع عاش اقعياً". "ضفة ثالثة"، 11 نيسان/أبريل 2022.
https://diffah.alaraby.co.uk/diffah/revisions/2022/4/11/ذكرى-كمال-ناصر-بين-الحلم-والواقع-عاش-واقعيا
المفلح، عبد الله. "من هو كمال ناصر؟"، "مدونات جامعة بيرزيت"، 4 كانون الثاني/ يناير 2017.
https://www.birzeit.edu/ar/blogs/mn-hw-kml-nsr
"الموسوعة الفلسطينية، القسم العام". المجلد الثالث. دمشق: هيئة الموسوعة الفلسطينية، 1984.