إضاءة على –

كندا وقضية فلسطين

إضاءة على –
كندا وقضية فلسطين
إسرائيل أولاً، الفلسطينيون ثانياً

عرض جدول الأحداث

كندا وقضية فلسطين

Palestinian Authority President Yasir Arafat decorates Canadian Prime Minister Jean Chrétien with the Bethlehem medal.

10 نيسان 2000
Source: 
AFP/Getty Images
Author(s): 
Fayez Nurledine

اضطلعت كندا بدور محوري في التطورات التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل والنكبة الفلسطينية التي ترتَّبت على ذلك سنتي 1947 و1948، وظلت منذ ذلك الحين داعماً ثابتاً لإسرائيل، وكان ذلك على حساب الشعب الفلسطيني في أكثر الأحيان.

 تقسيم فلسطين والعصر الذهبي للسياسة الخارجية الكندية 

كانت كندا مستعمرة بريطانية، وظلت بريطانيا ترسم سياستها الخارجية حتى صدور قانون وستمنستر في 11 أيلول/ ديسمبر 1931. وكان البريطانيون قد استولوا على فلسطين التي انتزعوها من السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى في الفترة 1917 - 1918، وأداروها بموجب صك انتداب منحته لهم عصبة الأمم من سنة 1922 حتى انسحابهم منها سنة 1948. خلال تلك الفترة، لم يُبدِ الكنديون اهتماماً يُذكر بالشرق الأوسط، باستثناء أولئك الذين شعروا بارتباط ديني مسيحي بتلك "الأرض المقدسة"، أو الذين نظروا إلى المنطقة على أنها تكتسي أهمية استراتيجية للإمبراطورية البريطانية.

بعد الحرب العالمية الثانية، بدأت كندا ترسّخ مكانتها كدولة مستقلة وذات سيادة، وتقدّم نفسها كوسيط فاعل في الشؤون الدولية. وبالنيابة عن حكومة ماكنزي كينغ بقيادة الحزب الليبرالي (1921–1926، 1926–1930، 1935–1948)، اضطلعت شخصيات بارزة مثل وكيل وزارة الخارجية ليستر بيرسون (1946–1948) وقاضي المحكمة العليا إيفان سي راند (1943–1959) بدور محوري في لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين (UNSCOP‎) التي أنشأتها الجمعية العامة في 15 أيار/ مايو 1947 لاقتراح حلول للصراع. وقد دفع بيرسون وراند اللجنة إلى اعتماد ما عُرف باسم "تقرير الأغلبية" الذي أوصى بتقسيم غير عادل لفلسطين إلى دولتين منفصلتين، يهودية وفلسطينية، مانحاً 55% من أراضيها للأقلية اليهودية التي لم تكن تتجاوز ثلث السكان.

تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطة التقسيم في قرارها رقم 181 الصادر في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1947. وحين إعلان قادة الحركة الصهيونية قيام إسرائيل في 15 أيار/ مايو 1948، كانت الميليشيات الصهيونية قد سيطرت على 77% من أرض فلسطين الانتدابية، وارتكبت عمليات تطهير عرقي طالت نحو 90% من سكانها الفلسطينيين. وكانت كندا من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل سنة 1948، وأقامت معها علاقات دبلوماسية رسمية في 11 أيار/ مايو 1949. وحمل بيرسون الذي صار لاحقاً رئيساً للوزراء بين سنوات 1963 و1968، لقب "بلفور الكندي" لدوره في تأسيس إسرائيل.

كما ساهمت كندا في تأسيس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) سنة 1949، وكانت من أبرز مانحيها خلال العقدين الأولين، حتى أن أول مدير للوكالة بين سنتي 1950 و1951 كان اللواء الكندي السابق هوارد كينيدي.

 موقف كندا من أزمة السويس والحظر النفطي

في خريف سنة 1956 اضطلعت كندا بدور بارز في احتواء أزمة قناة السويس، بعدما أقدمت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مهاجمة مصر بهدف إسقاط نظامها وإعادة فرض السيطرة على القناة. قوبل الغزو برفض شديد من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والمجتمع الدولي، إضافة إلى المقاومة داخل مصر والعالم العربي. وبالتعاون مع الأمم المتحدة، ساعدت كندا في إنشاء قوة الطوارئ الدولية، وهي قوة قوامها ستة آلاف جندي شكّلت الكتيبة الكندية التي ضمت ألف جندي عمودها الفقري، وبدأ نشرها في تشرين الثاني/ نوفمبر 1957. وقد وفّر ذلك مخرجاً سياسياً مكّن بريطانيا وفرنسا وإسرائيل من الانسحاب من مصر مع حفظ ماء الوجه. وكانت تلك أيضاً المرة الأولى التي احتلت فيها إسرائيل قطاع غزة عدة أشهر قبل أن تُجبر على الانسحاب منه في آذار/ مارس 1957. وتمركزت قيادة القوة الدولية في مدينة غزة حتى أيار/ مايو 1967 حين طلبت مصر مغادرتها. وكان الجنرال الكندي إي. إل. إم. بيرنز أول قائد لها ‏بين تشرين الثاني 1956 وكانون الأول/ ديسمبر 1959.

شغل ليستر بيرسون منصب وزير الخارجية الكندي (1948 - 1957) خلال أزمة السويس، وحصل سنة 1957 على جائزة نوبل للسلام لدوره في تأسيس قوة الطوارئ ونزع فتيل الأزمة. وقد عزز ذلك صورة كندا كوسيط دولي يعمل مع مختلف الأطراف وساهم في نشوء ما سُمّي "العصر الذهبي" لسياستها الخارجية في خمسينيات القرن العشرين وستينياته.

ومع ذلك، ظلت السياسة الكندية تجاه الشرق الأوسط محكومة بتحالفاتها السياسية وارتباطها الوثيق بإسرائيل. وبعد ست سنوات فقط من قرار منظمة الدول العربية المصدرة للنفط فرض حظر شامل على تصديره إلى الدول الغربية الداعمة لإسرائيل خلال حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، وصل جو كلارك، زعيم حزب المحافظين التقدميين، إلى رئاسة الوزراء في 4 حزيران/ يونيو 1979 بعد فوز انتخابي محدود لم يؤمن له أغلبية مطلقة، مستنداً إلى برنامج تعهد فيه بنقل السفارة الكندية من تل أبيب إلى القدس، وذلك في خطوة كان يمكن أن تشكّل اعترافاً رمزياً بسيادة إسرائيل على المدينة المقدسة بعد اثني عشر عاماً من احتلالها في حرب حزيران 1967، وخرقاً لقرار مجلس الأمن رقم 242. وقد أثار هذا الموقف ردود فعل دبلوماسية غاضبة في العالم العربي، وهدد جهود الوساطة الأميركية بين مصر وإسرائيل، وترك الدبلوماسيين الكنديين قلقين من تضرر صورتهم التي عملوا طويلاً على ترسيخها كصانعي سلام ووسطاء يتحلَّون بـ "النزاهة".

 سياسة كندا تجاه منظمة التحرير الفلسطينية وإزاء اتفاقيات أوسلو و"الحرب على الإرهاب"

لم يمكث جو كلارك في منصب رئيس الحكومة سوى أقل من عام، وسقطت حكومته في 3 آذار/ مارس 1980. لكن، قبل ذلك كان قد كلّف في حزيران/ يوليو 1979 زعيم المحافظين التقدميين السابق روبرت ستانفيلد بمهمات خاصة كسفير متجول وممثل خاص للحكومة لدراسة مجمل علاقة كندا بدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وشملت مهمته البحث في سبل تحسين العلاقات مع المنطقة، مع ضمان استمرار دعم إسرائيل. وقد أوصى ستانفيلد بوقف خطة نقل السفارة الكندية إلى القدس على الفور، والعمل على بناء السلام والتنمية الاقتصادية في المنطقة، وإعادة ترسيخ صورة كندا كدولة "نزيهة". وفي تقريره النهائي سنة 1980 أقرّ ستانفيلد بجذور كندا الأوروبية الغربية وصلاتها الوثيقة بالولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل، لكنه شدّد على أن هذه الروابط لا ينبغي لها أن تحول دون إقامة علاقات متوازنة مع العالم العربي الأوسع.

ظلت وزارة الخارجية الكندية تتعامل مع منظمة التحرير الفلسطينية في معظم الأحيان على أنها "منظمة إرهابية" حتى سنة 1980، عندما بدأت بفتح قنوات حوار معها حول القضايا السياسية والأمنية. بيد أن كندا بقيت تتردد في الاضطلاع بدور سياسي قيادي في جهود السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال الثمانينيات، وخصوصاً في عهد رئيس الحكومة المحافظ التقدمي برايان مولروني (1984 - 1993) الذي كانت تربطه علاقات وثيقة بإسرائيل. وفي آذار/ مارس 1989، قررت الحكومة الكندية رفع القيود المفروضة على التواصل مع منظمة التحرير الفلسطينية، وأقرت بحق الفلسطينيين في تقرير المصير. جاء ذلك في إطار توجه أوسع نحو بناء السلام الإقليمي، وبعد اعتراف منظمة التحرير سنة 1988 بوجود دولة إسرائيل. وفي سنة 1993، ومع توقيع اتفاقيات أوسلو، افتتحت كندا مكتباً تمثيلياً في رام الله، إيذاناً ببدء علاقاتها الرسمية مع فلسطين.

وقد مهدت هذه التحولات الطريق أمام كندا للقيام بدور سياسي بارز في عملية السلام في الشرق الأوسط خلال التسعينيات. فبعد انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في تشرين الأول/أكتوبر 1991، وانطلاق المفاوضات المتعددة الأطراف، وبصفتها رئيسة مجموعة عمل اللاجئين، موّلت كندا أبحاثاً حول سياسات بناء السلام وإيجاد حلول لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وسهّلت مفاوضات غير رسمية في إطار "المسار الثاني" لمفاوضات السلام في عهد حكومة جان كريتيان (1993 - 2003). كانت هناك خمسة مسارات تفاوض متعددة الأطراف ضمن عملية السلام (المياه، البيئة، ضبط التسلح والأمن الإقليمي، التنمية الاقتصادية، قضية اللاجئين).  وكان المسار الذي اضطلعت به مجموعة عمل اللاجئين أكثرها حساسية نظراً إلى أهميته لملايين الفلسطينيين المطالبين بحق العودة إلى ديارهم التي هجِّروا منها قسراً خلال النكبة، في مقابل رفض إسرائيل القاطع لهذا الحق حفاظاً على أغلبية يهودية ديموغرافية. وعلى الرغم من تردد كندا في البداية في تولي هذا الملف، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل دفعتا بها إلى هذا الدور، فاستضافت الاجتماع الأول لمجموعة العمل في أوتاوا سنة 1992، وظلت منذ ذلك الحين مسؤولة عن هذا المسار حتى مع تراجع عملية السلام وجمودها.

ومع أن السياسة الخارجية الكندية تجاه الشرق الأوسط بقيت محكومة بتحالفاتها السياسية، ولا سيما مع الولايات المتحدة، وظلت تميل إلى الانحياز إلى المواقف الإسرائيلية، فإنها أبدت في التسعينيات انفتاحاً نسبياً على المطالب الفلسطينية. فقد دعمت حكومة كريتيان ما وصفته بمبادرات سلام "عادلة"، وأبدت استعداداً لقبول الحكم الذاتي الفلسطيني وإمكان قيام دولة فلسطينية، وإن بقي ذلك مشروطاً بموافقة إسرائيل. كما انضمت كندا إلى معظم دول العالم في التصويت لمصلحة القرارات الأممية السنوية التي تؤيد الحقوق الفلسطينية، أو امتنعت عن التصويت عليها. وخلال زيارة إلى إسرائيل وفلسطين سنة 2000، اقترح رئيس حكومتها كريتيان أن يعلن الفلسطينيون انفصالهم من جانب واحد عن إسرائيل.

تبدلت سياسات كندا تجاه الشرق الأوسط عموماً، وإزاء إسرائيل وفلسطين خصوصاً، بفعل سلسلة من الأحداث، منها اندلاع الانتفاضة الثانية سنة 2000، و"الحرب على الإرهاب" بقيادة الولايات المتحدة ابتداء من سنة 2001، ومع تشكيل حكومة بول مارتن الليبرالية (2003 - 2006)، ثم حكومة ستيفن هاربر المحافظة (2006 - 2015). وخلال "الحرب على الإرهاب"، تعرّض المسلمون على المستوى العالمي، بما في ذلك في كندا، لحملات تشويه ممنهجة، ونجحت إسرائيل في تصوير صراعها مع الفلسطينيين على أنه يندرج ضمن تلك الحرب العالمية على "الإرهاب".

واتخذ كل من مارتن وهاربر مواقف علنية مؤيدة لإسرائيل، وبدأت كندا تتحول من اعتماد سياسة تقوم على قدر من الاعتدال في عملية السلام إلى تبني مواقف منحازة تماماً لإسرائيل. وانعكس ذلك في نمط تصويتها داخل الأمم المتحدة، إذ انضمت بالتدريج، وخصوصاً اعتباراً من سنة 2011، إلى مجموعة صغيرة من الدول التي تصوّت بانتظام ضد القرارات الداعمة للحقوق الفلسطينية. واتسمت حكومة هاربر باتباع خط متشدد واضح في دعم إسرائيل، مبدية تعاطفها معها سياسياً وثقافياً باعتبارها تشكل قاعدة أمامية للحضارة الغربية وتشارك كندا مشاغلها الأمنية. كما شنّت حكومته حملة صارمة ضد أي تعبير عن تأييد الحقوق الفلسطينية، فسحبت التمويل من عدة برامج وسرّحت موظفين وتدخلت في الأبحاث الأكاديمية، مثل مؤتمر جامعة يورك سنة 2009 حول نماذج الدولة في إسرائيل/فلسطين، بل وأغلقت منظمات كندية بأكملها مثل "الحقوق والديمقراطية" سنة 2012، بهدف فرض موقف أكثر تأييداً لإسرائيل داخل المؤسسات الكندية والمجتمع المدني.

وفي سنة 2014، عدّلت حكومة هاربر اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل الموقعة سنة 1997، ثم وقّعت سنة 2015 إعلاناً مشتركاً للتضامن والصداقة مع إسرائيل. وفي الوقت نفسه، حافظت على تحالفاتها السياسية وعلى خطاب رسمي يؤكد دعم عملية السلام وحل الدولتين. وأعادت كندا هيكلة المساعدات الخارجية لتصير من أكبر المانحين للفلسطينيين، مع اتباع استراتيجية ممنهجة لوقف التمويل عن هيئات اعتُبرت "منحازة" للفلسطينيين مثل الأونروا، وتوجيه المساعدات نحو تعزيز السلطة الفلسطينية و"إصلاحها" بما يخدم الحاجات الأمنية لسلطات الاحتلال الإسرائيلي.

 عصر جاستن ترودو والإبادة في غزة 

أمضى ستيفن هاربر معظم سنوات حكمه في تطهير مؤسسات الدولة الكندية ليس فقط من الأصوات المؤيدة للفلسطينيين، بل أيضاً من الإرث الأممي الليبرالي الذي هيمن على السياسة الخارجية الكندية بعد الحرب العالمية الثانية. وصبَّ تركيزه على الحفاظ على التحالفات "التقليدية" مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبلاط الملكي، وعلى تعزيز التقارب مع إسرائيل. لكن حكومته هُزمت في انتخابات سنة 2015 أمام الحزب الليبرالي بقيادة جاستن ترودو الذي وعد في برنامجه الانتخابي بإعادة كندا إلى نهجها الدولي الأكثر التزاماً بالمبادئ الليبرالية.

حظي ترودو بدعم واسع من الجاليات العربية والإسلامية التي صارت تمثل دوائر انتخابية رئيسية في المدن الكبرى، بعد عقود من التحولات الديموغرافية التي رسّختها سياسة التعددية الثقافية منذ سبعينيات القرن العشرين في عهد بيير إليوت ترودو (1967 -1979، 1979 - 1984). وقد مثّل هذا الأمر تحوّلاً عميقاً في كندا. وبينما وجد دعم فلسطين قاعدة خاصة بين الكنديين الناطقين بالفرنسية والشعوب الأصلية التي عانت تاريخياً جرّاء اضطهاد الدولة الكندية، صار الكنديون عموماً أكثر إلماماً بقضايا الشرق الأوسط وأكثر تعاطفاً مع النضال الفلسطيني، إلى الحد الذي جعل دعم فلسطين إحدى القضايا الرئيسة لليبراليين واليسار التقدمي خلال العقدين الثاني والثالث من القرن الحادي والعشرين.

اكتفت حكومة ترودو بتصريحات خطابية رمزية تحاكي ماضي كندا الأممي الليبرالي، لكنها واصلت في سياساتها الفعلية نهج هاربر تجاه فلسطين. وأعادت الحكومة تمويل الأونروا في ميزانية 2016 - 2017 بعد أن قطعه هاربر في 2011 - 2012، تعبيراً عن تضامنه مع إسرائيل بعد حربها على غزة في 2008 – 2009. في الوقت نفسه، وسّعت حكومة ترودو اتفاقية التجارة الحرة مع إسرائيل سنة 2019 لتشمل المستوطنات غير القانونية في الأراضي المحتلة، واستمرت في التصويت ضد معظم القرارات الأممية الداعمة للحقوق الفلسطينية، كما دعمت محاولات الولايات المتحدة تجاوز حق تقرير المصير الفلسطيني من خلال تأييدها "الاتفاقيات الإبراهيمية".

خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والإبادة الجماعية التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، واصلت حكومة ترودو دعمها لإسرائيل حتى أن كندا ساهمت في تبرير الهجمات الإسرائيلية على مستشفيات غزة في بداية الحرب، وكانت أول دولة تنسّق مع الولايات المتحدة سنة 2024 لوقف تمويل الأونروا في لحظة إنسانية حرجة في ظل الإبادة الجماعية. جاء هذا الموقف على الرغم من الضغوط الشعبية الهائلة، بما فيها احتجاجات واسعة النطاق نُظمت في مختلف أنحاء البلاد واستمرت أسبوعياً على مدى عامين، لتكون من بين أضخم التظاهرات التي شهدتها كندا في تاريخها.

ومع أن الغضب الشعبي أجبر حكومة ترودو على التراجع جزئياً عن بعض أشكال دعمها لإسرائيل، مثل التعهد بتقييد تصدير بعض الأسلحة لأسباب تتعلق بحقوق الإنسان، إلاّ إنها واصلت في الجوهر دعمها لها، وهو ما ساهم في تراجع شعبيتها واستقالة ترودو من منصبه في 6 كانون الثاني/ يناير 2025.

الاعتراف بدولة فلسطين 

تمكّن الليبراليون من البقاء في السلطة بعد انتخابات ربيع سنة 2025 مع حكومة أقلية بقيادة مارك كارني. وخلال حملته الانتخابية، بدا كارني كأنه يعترف بوقوع إبادة جماعية في غزة، قبل أن يتراجع عن تصريحه لاحقاً. ومع ذلك، نجح الليبراليون مرة أُخرى في حشد نسبة كبيرة من أصوات العرب والمسلمين الذين خشوا مما قد يحصل في حال وصول حزب محافظ إلى الحكم يعلن تأييده الصريح لإسرائيل .

وفي الوقت الذي استمرت الحكومة الليبرالية في دعم إسرائيل والولايات المتحدة، اعترفت بدولة فلسطين في الأمم المتحدة في 21 أيلول/ سبتمبر 2025. لكن كارني كان قد طرح قبل يومين فقط مشروع قانون مكافحة الكراهية Bill C-9‎ )‎ ) بدعوى مواجهة تصاعد جرائم الكراهية. غير أن القانون أثار جدلاً واسعاً ومخاوف جِدية لدى الجماعات المدافعة عن الحريات المدنية بشأن تأثيره المحتمل على حرية التعبير، وخصوصاً على الخطاب المؤيد لفلسطين، بالنظر إلى تاريخ كندا في تقييد مناصرة الحقوق الفلسطينية حفاظاً على دعمها الدبلوماسي لإسرائيل.

قراءات مختارة: 

Ayyash, Muhannad. “The Boycott, Divestment and Sanctions Campaign: Challenging the Unintelligibility of Palestinian Decolonial Resistance in Canada.” Journal of Palestine Studies (2025): 1–19.

CJPME. UN Dashboard: How Did Canada Vote? accessed 30 March 2025, https://www.cjpme.org/un_dashboard

Eayrs, James. “Canadian Policy and Opinion during the Suez Crisis.” International Journal 12, no.2 (1957): 97–108. https://doi.org/10.1177/002070205701200204.

Engler, Yves. Canada and Israel: Building Apartheid. Fernwood, 2010.

Heinbecker, Paul, and Bessma Momani, eds. Canada and the Middle East in Theory and Practice. Wilfrid Laurier University Press, 2007.

Ismael, Tareq Y., ed. Canada and the Arab World. University of Alberta Press, 1985.

Lukacs, Martin, Dania Majid, and Jason Toney, eds. When Genocide Wasn’t News: How Canadian Media Covered up the Destruction of Gaza. Breach Books, 2025.

Wildeman, Jeremy, and Emma Swan, eds. “Special Issue: What Lies Ahead? Canada’s Engagement with the Middle East Peace Process and the Palestinians.” Canadian Foreign Policy Journal 27, no.1 (2021).

Wildeman, Jeremy, and Mark Muhannad Ayyash, eds. Canada as a Settler Colony on the Question of Palestine. University of Alberta Press, 2023.

Wildeman, Jeremy. “Undermining the Democratic Process: The Canadian Government Suppression of Palestinian Development Aid Projects.” The Canadian Journal for Middle East Studies 2, no.1 (2017): 2033.

Wills, Emily Regan, Jeremy Wildeman, Michael Bueckert, and Nadia Abu-Zahra. Advocating for Palestine in Canada: Histories, Movements, Action. Fernwood, 2022.

t