سيرة

خالدة جرار

سيرة

خالدة جرار

29 شباط 1963, نابلس

ولدت خالدة جرار في مدينة نابلس في 29 شباط/ فبراير 1963. والدها: كنعان الرطروط. والدتها: شهرات. شقيقاها: خالد؛ طارق. شقيقاتها: منال؛ مها؛ سلام؛ نهاية؛ ريم. زوجها: غسان جرار، وهو رجل أعمال يعمل في مجال صناعة أثاث ولعب الأطفال، وهو ناشط سياسي سابق اعتقل إدارياً مرات عديدة من دون محاكمة، وأمضى نحو عشر سنوات من عمره في السجون الإسرائيلية. ابنتاها: يافا؛ سهى.

درست خالدة في مدارس مدينة نابلس، فأتمت دراستها الابتدائية في "مدرسة قرطبة"، والإعدادية في "مدرسة الكرمل"، ودرست الأول الثانوي في "المدرسة الفاطمية"، وحصلت على الشهادة الثانوية من "المدرسة العائشية".

التحقت خالدة جرار في سنة 1980 بكلية التجارة-قسم إدارة الأعمال في جامعة بير زيت، وحصلت على درجة البكالوريوس في سنة 1985. وتابعت دراستها في الجامعة نفسها ما بين سنتَي 2000 و2003، وحصلت على درجة الماجستير في دراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان.

بدأت خالدة جرار نشاطها السياسي في سن مبكرة، ونشطت في دعم قضية الأسرى والأسيرات الفلسطينيين، واعتقلتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أول مرة في 8 آذار/ مارس 1989، عقب مشاركتها في تظاهرة اليوم العالمي للمرأة، خلال أحداث الانتفاضة الأولى.

عملت خالدة جرار مديرة لمؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ما بين سنتّي 1994 و2006. ثم شغلت منصب نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة "الضمير".

أصدرت قوات الاحتلال، في سنة 1998، قراراً بمنع خالدة جرار من السفر، وبفرض الإقامة الجبرية عليها، بعد مشاركتها في الاجتماعات التحضيرية للإعلان العالمي لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان في باريس، وسمح لها بالسفر في سنة 2010 إلى الأردن لتلقي العلاج، بعد اكتشاف إصابتها باحتشاء في الأنسجة الدماغية ناجم عن تخثر الأوعية الدموية، وذلك بعد ضغوط دبلوماسية وإجراءات قانونية طويلة.

انتُخبت خالدة جرار في كانون الثاني/ يناير 2006 نائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وصارت مسؤولة ملف الأسرى في المجلس، وأحد أعضاء اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.

أصدرت قوات الاحتلال، في 20 آب/ أغسطس 2014، قراراً بإبعاد جرار إلى أريحا لمدة ستة أشهر وتقييد حركتها فيها، لكنها اعتصمت في مقر المجلس التشريعي الفلسطيني في مدينة رام الله، وقالت: "لن أنفذ أمر الإبعاد، ومن حقي البقاء في مكان سكني"، وساندها في الاعتصام نواب من جميع الفصائل وشخصيات سياسية وحقوقية.

في 2 نيسان/ أبريل 2015، اعتقلت خالدة جرار في مدينة رام الله ونقلت إلى مستوطنة بيت إيل، وبعدها إلى معسكر لجيش الاحتلال قرب قرية جبع شرق مدينة القدس، ثم إلى معسكر عوفر القريب من رام الله، حيث بدأ تحقيق معها استمر لأكثر من 4 ساعات متواصلة، بتهمة عضويتها في "منظمة إرهابية" وتحمّلها مسؤوليات قيادية فيها. لكنها رفضت خلال ذلك التحقيق التعاطي مع مخابرات سلطات الاحتلال واحتفظت بحقها في الصمت وامتنعت عن تناول الماء والطعام، ليتم تكبيلها ونقلها إلى سجن هشارون للنساء في شمال فلسطين.

بعد خضوعها للمحاكمة، قضت خالدة جرار في السجن نحو 15 شهراً، إلى أن أُفرج عنها في 3 حزيران/يونيو 2016 عند حاجز جبارة قرب مدينة طولكرم. وقد أصدرت "المفوضية السامية لحقوق الانسان" و"منظمة العفو الدولية" بيانات تطالب بإطلاق سراح النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار، كما حضر عدد كبير من الدبلوماسيين والمحامين الدوليين والمؤسسات الدولية جلسات محاكمتها.

في 2 تموز/ يوليو 2017 اعتقلت قوات الاحتلال خالدة جرار، مجدداً، من منزلها الكائن في البيرة بالقرب من رام الله وتم الاعتداء عليها وعلى زوجها وابنتها، وتفتيش المنزل ومصادرة الممتلكات. وقضت المحكمة العسكرية في سجن عوفر باعتقالها إدارياً مدة 6 أشهر، وجُدد قرار اعتقالها الإداري ثلاث مرات، وقد توفي والدها في 18 آب/ أغسطس 2017 في أثناء اعتقالها، ولم يُطلق سراحها إلاّ في 27 شباط/ فبراير 2019.

في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، اقتحم جنود الاحتلال منزل خالدة جرار واقتادوها إلى معسكر عوفر، حيث خضعت للاستجواب، ثم نُقلت إلى سجن هشارون في ظروف صعبة، ثم إلى سجن الدامون الواقع إلى الجنوب من مدينة حيفا. وأصدرت محكمة عوفر العسكرية في 1 آذار/ مارس 2021 حكماً يقضي بسجنها مدة 24 شهراً فعلياً و12 شهراً مع وقف التنفيذ لمدة 5 سنوات من يوم الإفراج عنها، فضلاً عن غرامة مالية قدرها 4000 شيقل، وذلك بتهمة عضويتها في قيادة "منظمة محظورة"، هي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

في 11 تموز/ يوليو 2021، توفيت ابنتها الصغرى سهى (31 عاماً)، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، جرّاء إصابتها بأزمة قلبية، بينما كانت والدتها قابعة في سجون الاحتلال. وعلى الرغم من المطالبات العاجلة التي تقدمت بها مؤسسة "الضمير" للإفراج الفوري عنها لتتمكن من المشاركة في وداع ابنتها، فإن هذه المطالبات قوبلت بالرفض القاطع من مصلحة السجون الإسرائيلية. وشجب عمر شاكر، مدير مكتب "هيومن رايتس ووتش" في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، القرار الإسرائيلي قائلاً: "كان على السلطات الإسرائيلية أن تسمح لها بتوديعها على الأقل." وشارك آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية في تشييع سهى، وهتف الحشد الذي حضر الجنازة "كلنا بناتك يا جرار".

بعد قضائها نحو عامين في سجون الاحتلال، أفرجت سلطات الاحتلال عن خالدة جرار في 26 أيلول/سبتمبر 2021، فتوجهت مباشرة لزيارة قبر ابنتها سهى. وفي حوار أجرته معها قناة "الميادين"،  بعد أربعة أيام من إطلاقها، قالت جرار "إنني خرجت بعد أن فقدتُ ابنتي الغالية سهى، فكانت مشاعر مختلطة ومركبة"، مشيرة إلى أن "الفُقدان خلال الأَسر صعب جداً، وحرمان الاحتلال لي من أن أودّع ابنتي كان ربما من أصعب اللحظات التي عشتها." وقد عاهدت ابنتها الراحلة على أن "تُكمل كل ما كانت تحلم به"، ذلك أن سهى "وُلدت عندما كان والدها في السجن، ورحلت عن هذه الحياة وكنت أنا في السجن." ورداً على سؤال، قالت خالدة جرار "إنني سأُكمل طريقي إلى أن تتحقّق حرية شعبي، وكل شعوب العالم، من الهيمنة الاستعمارية في فلسطين من جانب الاحتلال (الإسرائيلي)، وفي العالم من جانب الاحتلال الأميركي المهيمن"، لافتة إلى أنه "وصلني الدفء والحب والتوق إلى الحرية من بنات وأبناء شعبي والوطن العربي والعالم، والاحتلال يستطيع اعتقال كل شيء إلاّ هذه المشاعر."

عملت خالدة جرار، بعد إطلاق سراحها، باحثة متطوعة في "معهد مواطن للديمقراطية وحقوق الإنسان"، التابع لجامعة بيرزيت، ونشرت في بداية كانون الأول/ ديسمبر 2023، ورقة بحثية بعنوان: "الانتهاكات بحق الأسيرات والأسرى أثناء حرب الإبادة الجماعية على غزة"، أصدرتها "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان-ديوان المظالم".

بعد قيامها بشن حربها التدميرية على قطاع غزة، اعتباراً من 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، نظمت سلطات الاحتلال حملة قمعية واسعة في الضفة الغربية، اعتقلت خلالها خالدة جرار، في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2023، ونقلتها إلى سجن الدامون، حيث وضعت رهن الاعتقال الإداري، ثم نقلتها إلى العزل الانفرادي في سجن الرملة (نفيه تيرتسا) في آب/ أغسطس 2024، حيث بقيت معزولة في زنزانة لا تزيد مساحتها على مترين طولاً و1.5 متر عرضاً، وكانت بلا أي منفذ تهوية، وعندما سألت ضابطة المخابرات الإسرائيلية عن سبب عزلها، ردّت عليها هذه الأخيرة بقولها: "لن تعرفي سبب العزل ولا مدته." وقد وصفت خالدة جرار بالتفصيل ظروف هذا العزل في رسالة نقلها محاميها بعد 16 يوماً من عزلها، قالت فيها:

"في الزنزانة مرحاض وأعلاه شباك صغير، تم إغلاقه لاحقاً بعد نقلي بيوم واحد، ولم يتركوا لي أي متنفس، وحتّى ما تسمى (الأشناف) في باب الزنزانة تم إغلاقها. هناك فقط فتحة صغيرة أجلس بجانبها معظم الوقت لأتنفس، فأنا أختنق في زنزانتي وأنتظر أن تمر الساعات لعلي أجد جزيئات أوكسجين لأتنفس وأبقى على قيد الحياة، وما زاد من مأساوية عزلي، درجات الحرارة المرتفعة، فأنا باختصار موجودة داخل فرن على أعلى درجة، لا أستطيع النوم بسبب الحرارة العالية."

وأعربت عن اعتقادها بأن قرار عزلها هو "قرار سياسي وخطوة انتقامية، فقد حُولت إلى العزل بعد أيام قليلة من زيارة بن غفير [وزير ما يسمى بالأمن القومي] إلى سجن الدامون." وعن مقارنتها الأوضاع التي تعيشها الأسيرات، بعد السابع من تشرين الأول 2023، بفترات اعتقالها السابقة، رأت خالدة جرار أن "الأوضاع في السجون بعد الحرب أصعب ما عاشته الأسيرات والأسرى منذ سنة 1967." وعلى الرغم من ذلك، فإنها استمرت في مقاومة هذه الأوضاع، وقالت "إن مقاومة العزل أمر صعب للغاية، والإصرار على البقاء بشكل متوازن هو ما جعلني أصمد في هذه الظروف الصعبة."

أُفرج عن خالدة جرار ضمن صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة "حماس" مساء 19 كانون الثاني/ يناير 2025، وكانت صعوبة العزل المنفرد واضحة عليها عند إطلاق سراحها، إذ ظهرت بيضاء الشعر نحيلة الجسد لا تكاد تقوى على السير وقالت: "كنت معزولة في قبر".

تُعتبر خالدة جرار من أبرز الرموز السياسية والمجتمعية الفلسطينية، وهي تتمتع بشعبية كبيرة في الشارع الفلسطيني وبين الأسيرات، إذ عملت معلمة ومرشدة لهن في السجن. وقد أطلق عليها الصحافي الإسرائيلي المناهض للاحتلال جدعون ليفي اسم "المعتقلة السياسية رقم 1 بين الفلسطينيين"، التي تنسب إليها إسرائيل العضوية في القيادة السياسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكتب عن اعتقالها الأخير في صحيفة "هآرتس": "لا يمكن تصوّر مصائب خالدة جرّار، مصائب متلاحقة وهي صامدة فيها كلها، ببطولة لافتة، كما يُرى من الخارج على الأقل. إن حقيقة عدم إدانتها بأي شيء في يوم من الأيام، باستثناء مرة واحدة ووحيدة كانت على مخالفة سياسية هي "العضوية في تنظيم غير قانوني" وليس على أي مخالفة في مجال العنف أو الإرهاب، وعلى الرغم من ذلك، فهي رهن الاعتقال الآن مرة أُخرى، هي المرة الخامسة في حياتها والرابعة منذ سنة 2015 من دون أن تقدم إسرائيل ولو أدنى دليل ضدها"، وأضاف: "جرّار هي معارضة للنظام، نظام الاحتلال، عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني وكانت من المفترض، أصلًا، أن تتمتع بحصانة برلمانية، وهي سجينة ضمير في إسرائيل... وعند الحديث عن إسرائيل كدولة ديمقراطية، من الواجب الإلزامي التذكير بخالدة جرّار."

 

قراءات مختارة:

جرار، خالدة، "الحرية المقبلة: تحطيم العبودية وتبييض السجون"، "مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 137، (شتاء 2024).

"خالدة جرار تتحدث للجزيرة نت عن معاناتها في العزل الانفرادي"، "الجزيرة نت"، 21 كانون الثاني/ يناير 2025.

https://www.aljazeera.net/politics/2025/1/21/خالدة-جرار-للجزيرة-نت-مقاومة-العزل

"خالدة جرار: تعرضنا للضرب وإسرائيل لا تعامل الأسرى كبشر"، "الجزيرة نت"، 21 كانون الثاني/ يناير 2025.

https://www.aljazeera.net/news/2025/1/21/خالدة-جرار-تعرضنا-للضرب-وإسرائيل-لا

"خالدة جرار للميادين: سأكمل طريقي إلى أن تتحقق حرية شعبي وكل شعوب العالم"، "الميادين نت"، 30 أيلول/سبتمبر 2021.

https://www.almayadeen.net/news/politics/خالدة-جرار-للميادين:-سأكمل-طريقي-إلى-أن-تتحقق-حرية-شعبي-وكل

"خالدة جرار"، "مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان"، 26 أيلول/ سبتمبر 2021.

 https://www.addameer.org/ar/prisoner/1843

"خالدة جرار: نضال سياسي في معتقلات الاحتلال"، "القدس العربي"، 19 كانون الثاني/ يناير 2025.

https://www.alquds.co.uk/خالدة-جرار-نضال-سياسي-في-معتقلات-الاحت

ليفي، جدعون، "كي تتنفس هواءً نقياً، تستلقي خالدة جرار على أرضية الزنزانة قرب الباب"، "هآرتس بالعربي"، 11 أيلول/سبتمبر 2024.

https://www.haaretz.co.il/debate/2024-09-11/ty-article-opinion/.free/00000191-e094-d00e-afb3-e0ffbf2b0000

 

t